نحمده على نعمه التي صانت هذه الرتبة السنية بأكفائها وزانت هذه المرتبة الشريفة بمن لم تمل عينه في تأثيل قواعدها إلى إغفائها وجعلت هذه الدرجة العلية فلكا تشرق فيه لأئمة الحديث أنوار علوم تفنى الدهور دون إطفائها .
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مجادل عن سنته الشريفة بألسنة أسنته مجالد عن كلمتها العالية بقبض معاقد سيوفه وإطلاق أعنته باعث بالجهاد دعوتها الى كل قلب كان عن قبولها في حجب أكنته ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أوتي جوامع الكلم ولوامع السنة التي من اعتصم بها عصم ومن سلم بها سلم فهي مع كتاب الله أصل شرعه القويم وحبل حكمه الذي لا تتمكن يد الباطل من حل عقده النظيم وكنوز دينه التي لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم وعلى آله وصحبه الذين عضوا على سنته بالنواجذ وذبوا عن شريعته بسيوف الجلاد القواطع وسهام الجدال النوافذ صلاة لا يزال يقام فرضها ويملأ بها طول البسيطة وعرضها وسلم تسليما كثيرا .
وبعد فإن أولى ما توجهت الهمم إلى ارتياد أئمته وتوفرت الدواعي على التقرب إلى رسول الله بتفويض مناصبه إلى البررة الكرام من أمته علم الحديث النبوي صلوات الله وسلامه على قائله وحفظه بدروسه التي جعلت أواخر زمنه في صحة نقله ومعرفة أسراره كأوائله وأن نختار لذلك من نشأ في طلبه حتى اكتهل وسرى في تحصيله سرى الأهلة حتى اكتمل وغذي بلبان التبحر فيه حتى امتزج بأديمه وجد في تحصيله واجتهد حتى ساوى في الطلب بين حديث عمره وقديمه وحفظ من متونه ما بمثله يستحق أن يدعى حافظا وغلب على فنونه حتى قل أن يرى بغير علومه والنظر في أحكامه لافظا فإنه بعد كتاب الله العزيز مادة هذا الدين الذي يحكم بنصوصه وتتفاوت