منه إلى ركن شديد ورأي سديد وحزم يقرب من مواهب النصر كل بعيد وعزم إذا أرهف صوارمه من أدنى الصعيد وجف لهول مواقعها باب الحديد فهو المطوي في أثناء ضمائرنا وإن تقلدنا قبله سواه والمنوي في أحناء سرائرنا وإنما لامريء ما نواه قد حلب قدم هجرته الدهر أشطره وكتب حسن خبرته من عنوان السير أسطره وتمثلت مرآة الزمان لفكره فاجتلى صور الوقائع في صفائها وترددت تجارب الأمم على سمعه فعلم ما يأتي وما يذر في تركها واقتفائها واستقبل دولة أسلافنا الشريفة من فواتحها فكان لسان محاسنها وبنان ميامنها وخزانة سرها وكنانة نهيها وأمرها وطليعة تأييدها وذريعة أوليائها إلى عوارفها وجودها وعنوان أخبارها وعنان سوابقها التي لا تدرك مآثر من سلف شق غبارها ويمين قبضتها المصرفة بين البأس والندى وأمين آرائها المؤيدة بالتوفيق اللدني على العدا وركنها المشيد بالأسل وهو ما تبنى عليه الممالك وحصنها المصفح بالصفاح فلا تستطيع الأهواء أن تتوقل إليه تلك المسالك وزعيم جيوشها التي اجتنت من قصب قواضبه ثمر النصر غير مرة ومتقدم عساكرها التي اجتلت به وجوه الظفر الحلوة في أيام الكريهة المرة .
ولما كان المقر الكريم الفلاني هو معنى هذه الصفات المبهمة ومبنى هذه القواعد المحكمة وطراز حلل هذه الأحوال المعلمة وسر المقاصد