الخلال ما أبرز وقار المشيب في أسوده وهذا المنصب الذي أهلت له وإن كان ثاني الملك محلا وتلوه عقدا وحلا فقد علا بك قدره وتأبل بك أمره وأصبح وشخصك في أرجائه منار ورأيك وفضلك من حوله سور وسوار وله من قلمك خطيب يجادل عن أحساب الدولة فينفحها فخرا وسيف يجالد عن حوزتها فيمنحها نصرا ولقد كان من قبلك وقبل أبيك مكرها على إجابة خاطبه والنزول إليه عن مراتبه فلما جئتماه استقر في مكانه ورضي بعلو شأنكما لعلو شأنه وقد علم الآن بأنك نزلته نزول الليث في أجمه واستقللت به استقلال الرمح باحدمه وما زالت المعالي تسفر بينك وبينه وأنت مشتغل بالسعي للسيادة وآدابها عن السعي للسعادة وطلابها فخذ ما وصلت إليه باستحقاق فضلك ومناقبه لا باتفاق طالعك وكواكبه .
واعلم أن هذه النعمة وإن جاءتك في حفلها وأناخت بك بصاحبها وأهلها فلا يؤنسها بك إلا الشكر الذي يجعل دارها لك دارا وودها مستملكا لك لا معارا وقد قيل إن الشكر والنعمة توءمان وإنه لا يتم إلا باجتماع سر القلب وحديث اللسان فاجعله معروفها الذي تمسكها بإحسانه وتقيدها بأشطانه .
وقد أفردنا لك من بيت المال ما تستعين به على فرائض خدمك ونوافله وترد فضله على ابتناء مجدك وفضائله وذلك شيء عائد على الدولة طيب سمعته فلها محمود ذكره ومنك موارد شرعته وإذا حمدت مناهل الغدر كان الفضل للسحاب الذي أغدرها والمفرد باسمك من بيت المال كذا وكذا