الله يقول إنكم لتختصمون إلي ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من الآخر فأقضي له على نحو ما أسمع ولدخول المجالس دهشة تورث اللسان عقلة ولمفاجأة المحافل حيرة تعقب البيان مهلة فواجب عليك ممن تدله أن تدله وممن يشده أن تشده لتقضي بما تقضي وتمضي الحكم بحقيقة تمضي وإن تنجزت قضية قد فرطت وتدبرت نوبة قد أفرطت فبادر باستدراكها قبل وقوعك في أدراكها وتعذرك عن إدراكها ولست معصوما من المغالط ولا موصوما بالخطأ الفارط ولا ملوما إلا إذا أقمت على ما الله منه ساخط فقد ذم الله من اتقى الخلائق ولم يتق الخلاق فقال تعالى ( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم ) .
وكتاب الله وسنة رسوله السراجان اللذان ما ضل هداهما والمهادان اللذان ما أوضحهما إليه وأبداهما وقد أغنت نصوصهما عن الأقيسة وأوضح خصوصهما عامة الأمور الملتبسة قال الله سبحانه ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) وقال تعالى ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وإن أشكلت نازلة غير مسطورة وأعضلت واقعة غير محصورة فاسترشد أمير المؤمنين في أمرها وقف على بحار علمه فلن تعدم سيح درها فأمير المؤمنين الذي أمر الله عند التنازع بأن نرد إليه ما أعضل وأثم أخذك للاستنباط إلا من الذين حكم الله أن يرد عليهم ما أشكل .
والشهادة فلقد أمر الله بإقامتها وكفى بالله شهيدا وكفى بذلك جلالة وتمجيدا ولا تتخذ إلا العدول المقانع ولا تسمع منهم إلا لمن هو لأمر الله سامع فهم الأعوان التي تدفع بها نار جهنم والجنن التي يتقي بها الحاكم سهام