ولا تشاور جبانا ولا مثبطا عن انتهاز الفرصة الممكنة ولا متهورا يحملك على الغرة المهلكة وتأن في الآراء فإن التأني يجم الألباب ويجلو وجه الصواب ويقلص سجوف الارتياب واضرب بعض الآراء ببعض وسجلها وأجل فكرك فيها وتأملها فإذا صرحت عن زبدتها وانشقت أكمامها عن ثمرتها فأمض صحيحها واعتمد نجيحها وإذا استوى بك وبالعدو مرحى الحرب فحرقهم بنار الطعن وأذقهم وبال أمرهم وعاقبة كفرهم ولا ترق لهم واتبع ما أمر الله تعالى به في الغلظة عليهم فإنه يقول ( يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ) فإن جنحوا للسلم والموادعة مصانعين فقابل بالقبول فإن الله تعالى يقول ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم ) .
وابذل الأمان لمن طلبه واعرضه على من لم يطلبه وف لمن تعاهده بعهده وأثبت لمن تعاقده على عقده ولا تجعل ما تفرطه من ذلك ذريعة إلى الخديعة ولا وسيلة إلى الغيلة فإن الله سبحانه وتعالى يقول ( يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) ورسوله يقول الناس عند شروطهم وإذا أعانك الله على افتتاح معاقل المشركين واستضافته إلى ما بأيدي المسلمين فارفع السيف عن قاطنيه واعتمد اللطف بالمقيمين فيه وادعهم إلى الإسلام واتل عليهم ما وعد الله به أهله من كريم المقام فمن أجابك إلى استشعار ظله والاعتصام بحبله فافرض له ما تفرضه لإخوانك في الدين واضمم إليهم من علماء المسلمين من يبصرهم ويرشدهم ويثقفهم ويسددهم وخير من آثر المقام على دينه بين تأدية الجزية والاستعباد والمملكة فإن أدوا الجزية فأجرهم مجرى أهل الذمة المعاهدين وخصهم من الرعاية بما أمر به في الدين وإن أبوا ذلك فإن الله تعالى قد أباح