وأقويائهم على أنه سبحانه قد وعدهم عن بذل الأنفس في مجاهدة الملحدين وإبادة المشركين الجزاء الجسيم والنعيم المقيم والبقاء الذي لا يعتوره فناء والجذل الذي لا يعترضه انقضاء .
وقدم على الأساطيل والمراكب الحربية وأعمالها ورجال البحر من تختاره لذلك من أماثل الأمراء المشهورين بالشدة والنجدة والبصارة والمهارة والخبرة بشقة البحر والقتال فيه ومره بالتسحيل وملازمة السيف والإرساء من الشطوط بحيث يتأمل مضاربك ليكون ما حمل عليها من ميرة وعدة قريبا منك فإن نازلت ثغرا من ثغور الساحل فاملأه بالخيل من بره وبالسفائن من بحره واستخدم لحفظ ما فيها من الأزواد والأسلحة والعدد والنفط ودهن البلسان والحبال والعرادات وغيرها من الآلات من تثق بأمانته ومعرفته وتقدم إليهم بالحوطة على ما يخرجونه من العواري واسترجاعه بعد الغنى عنه واستظهر بذلك استظهارا يحمد موقعه لك ويعرف به رصين رأيك وسديد مذهبك .
واستخلص لمجالستك من أهل الأصالة والحزم والرجاحة والفهم والدراية والعلم والتجارب في ممارسة الحروب وملابسة الخطوب من ترجع إلى رأيه فيما أشكل وتعتمد على تجربته فيما أعضل ولا تستبد برأيك فإن الاستبداد يعمي المراشد ويبهم المقاصد .
ولما كانت الشورى لقاح الأفهام والكاشفة لغواشي الإبهام أمر الله تعالى بها نبيه عليه السلام فقال ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )