أربيت عليه وزدت ولا يناويك مناو إلا أنسيت ذكره أو كدت فكم لك من مقام محمود يسير ثناؤه ووصفه وكم لك من ذكر جميل يفوح أرجه ويتضوع عرفه وكم لك من مجال في المشايعة لا يقصر أمده ولا يكبو طرفه والسيد الأجل الأفضل الذي عظم الله قدره ورفع مجده وجعله في الغضب لتوحيده دون جميع البرية أمة وحده وألهمه التجرد لنصرة الإيمان فقام بحق الله لما غفل الملوك وقعدوا وأمده بمواد السعد فاستيقظ بمفرده حين ناموا عن استخلاصه مما عراه ورقدوا وأضحى انتصابه آية أظهرها الله للملة وغدا انتصاره معجزة حسم بها في رفع منار الدين كل علة فهمته مصروفة على ما يعز الشريعة الحنيفية وعزمته موقوفة على الدفع عنها بأطراف الذوابل وحد المشرفية فبلغه الله في كل ما يحاوله ما يضاعف فخره وأعانه على ما يقدمه لمعاده ويجعله في الآخرة ذخره بحوله ومنه وطوله وفضله .
فلا يزال هذا السيد الأجل يثني عليك ثناء يخلد لك ولعقبك مجدا باقيا ويحبوك من الوصف والإطراء بما يجعلك في مراتب الوجاهة والنباهة ساميا راقيا ويرشحك من الخدم لأجلها قدرا ويطلع منك في آفاق سمائها بدرا ويجعل لك بما يؤهلك له صيتا ويسير لك ذكرا وحين جدد شكرك وأوصل على عادته ما يشيد أمرك قرر لك ولاية ثغر عسقلان حماه الله تعالى الذي هو ثغر الدين وكنانة الموحدين ووزر الأتقياء المجاهدين وشجى في صدور الكفرة المعاندين فأمضى أمير المؤمنين ما رآه من هذا التقرير وعلم أن البركة مضمونة فيما يتكلفه من التدبير وخرج أمره إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السجل بتقليدك ولاية هذا الثغر المحروس وعمله وما هو منتظم معه من سهله وجبله فاعرف قدر هذه النعمة التي رفعتك على جميع الأمراء وأغناك فيها حسن رأي أمير المؤمنين ووزيره السيد الأجل الأفضل عن الوسائط والسفراء وأحلتك أعلى مراتب الرفعة والسمو وأحظتك مع بعد الدار بمزية القرب من قلبيهما والدنو فتقلد ما قلدك أمير المؤمنين من هذه الولاية الشامخة المحل التي غدا محظورها على غيرك من المباح لك المحل وتلقها من الشكر بما يجعلها إليك آوية ولديك مقيمة ثاوية