وقربا سكونا إلى ما علم من حاله واضطلاعه بالنهضة المنوطة به واستقلاله وركونا إلى قيامه بالواجب فيما أسند إليه ونهوضه بعبء ما يعول في حفظ قوانينه عليه واستنامة إلى حلول الإصطناع عنده ومصادفته منه مكانا تبوأه بالإستحقاق وحده والله تعالى يعضد آراء أمير المؤمنين بمزيد التوفيق في جميع الأمور ويحسن له الخيرة فيما يؤمه من مناظم الدين وصلاح الجمهور وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله عليه يتوكل وإليه ينيب .
أمره بتقوى الله تعالى في إعلانه وإسراره وتقمص شعارها في إظهار أمره وإضماره فإنها العروة الوثقى والذخر الأبقى والسعادة التي ما دونها فوز ولا فوقها مرقى وهي حلية الأبرار وسيما الأخيار والمنهج الواضح والمتجر الرابح والسبيل المؤدي إلى النجاة والخلاص يوم لا وزر ولات حين مناص وأنفع العدد والذخائر وخير العتاد يوم تنشر الصحف وتبلى السرائر يوم تشخص الأبصار وتعدم الأنصار ( وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ) ولا ينجو من عذاب الله يومئذ إلا من كان زاده التقوى وتمسك منها بالسبب الأقوى قال الله تعالى ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ) .
وأمره أن يجعل كتاب الله إماما يهتدي بمناره ويستصبح ببواهر أنواره ويستضيء في ظلم المشكلات بمنير مصباحه ويقف عند حدود محظوره ومباحه ويتخذه مثالا يحتذيه ودليلا يتبع أثره فيهديه ويعمل به في قضاياه وأحكامه ويقتدي بأوامره في نقضه وإبرامه فإنه دليل الهدى ورائده وسائق النجح وقائده ومعدن العلم ومنبعه ومنجم الرشاد ومطلعه وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله في الأمة والذكر الذي جعله الله تعالى تبيانا لكل شيء