كالشجر الذي يغرس لدنا فيصير عظيما والنبات الذي ينجم رطبا فيصير هشيما فالمصيب من تخير الغرس من حيث استنجب الشجر واستحلى الثمر وتعمد بالعرف من طاب منه الخبر وحسن منه الأثر وأمير المؤمنين يسأل الله تعالى تسديدا تحمد عائدته وتدر عليه مادته ويتولاه في العزائم التي يعزمها والأمور التي يبرمها والعقود التي يعقدها والأغراض التي يعتمدها وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله عليه يتوكل وإليه ينيب .
أمره باعتماد التقوى فإنها شعار أهل الهدى وأن يراقب الله مراقبة المتحرز من وعيده والمتنجز لمواعيده ويطهر قلبه من موبقات الوساوس ويهذبه من مرديات الهواجس ويأخذ نفسه بمآخذ أهل الدين ويكلفها كلف الأبرار المؤمنين ويمنعها من أباطيل الهوى وأضاليل المنى فإنها أمارة بالسوء صبة إلى الغي صادة عن الخير صادفة عن الرشد لا ترجع عن مضارها إلا بالشكائم ولا تنقاد إلى منافعها إلا بالخزائم فمن كبحها وثناها نجاها ومن أطلقها وأمرجها أرداها .
وأولى من جعل تقوى الله دأبه وديدنه والخيفة منه منهاجه وسننه من أرتدى رداء الحكام وأمر ونهى في الأحكام وتصدى لكف الظالم ورد المظالم وإيجاب الحدود ودرئها وتحليل الفروج وحظرها وأخذ الحقوق وإعطائها وتنفيذ القضايا وإمضائها إذ ليس له أن يأمر ولا يأتمر ويزجر ولا يزدجر ويأتي مثل ما ينهى عنه وينهى عما يأتي مثله بل هو محقوق بأن يصلح ما بين جنبيه قبل أن يصلح ما رد أمره إليه وأن يهذب من نيته ما يحاول أن يهذب من رعيته قال الله تعالى ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين )