الدولة العباسية أبو الفتح بيبرس قسيم أمير المؤمنين أعز الله تعالى ببقائه حمى الخلافة وقد فعل وبلغ في بقاء دولته الأمل هو الملك الذي انعقد الإجماع على تفضيله وشهدت مناقبه الطاهرة بإستحقاقه لتحويل الملك إليه وتخويله وحكم التوفيق والإتفاق بترقيه إلى كرسي السلطنة وصعوده وقضت الأقدار بأن يلقي إليه أمير المؤمنين أزمة عهوده والذي كم خفقت قلوب الأعادي عند رؤية آيات نصره ونطقت ألسنة الأقدار بأن سيكون مليك عصره وعزيز مصره واهتزت أعطاف المنابر شوقا للإفتخار باسمه واعتزت الممالك بمن زاده الله بسطة في علمه وجسمه وهو الذي ما برح مذ نشأ يجاهد في الله حق جهاده ويساعد في كل معركة بمرهفات سيوفه ومتلفات صعاده ويبدي في الهيجاء صفحته للصفاح فيقيه الله ويبقيه ليجعله ظله على عباده وبلاده فيردي الأعداء في مواقف تأييده فكم عفر من خد لملوك الكفر تحت سنابك جياده ويشفي بصدور سيوفه صدور قوم مؤمنين ويسقي ظماء أسنته فيرويها من مورد وريد المشركين ويطلع في سماء الملك من غرر آرائه نيرات لا تأفل ولا تغور ويظهر من مواهبه ومهابته ما تحسن به الممالك وتحصن الثغور فما من حصن استغلقه الكفر إلا وسيفه مفتاحه ولا ليل خطب دجا إلا وغرته الميمونة صباحه ولا عز أمل لأهل الإسلام إلا وكان في رأيه المسدد نجاحه ولا حصل خلل في طرف من الممالك إلا وكان بمشيئة الله تعالى وبسداد تدبيره صلاحه ولا أتفق مشهد عدو إلا والملائكة الكرام بمظافرته فيه أعدل شهوده ولا تجدد فتوح للإسلام إلا جاد فيه بنفسه وأجاد والجود بالنفس أقصى غاية الجود .
كم أسلف في غزو أعداء الدين من يوم أغر محجل وأنفق ماله ابتغاء مرضاة الله سبحانه فحاز الفخر المعجل والأجر المؤجل وأحيا من معالم العلوم ودوارس المدارس كل داثر وحثه إيمانه على عمارة بيوت الله تعالى الجامعة لكل تال وذاكر ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) .
وهو الذي ما