والمملوك معترف بأنه ما زال يجهل ما يجب عليه من الخدم ومقر بتقصيره عن القيام بحمل ما يواصل به من النعم لكنه ألف من مولانا أن يقابل إساءته بالإحسان وجهله بصفح لا يقوم بشكره اللسان بل جميع الجثمان فإن كان ذنب من المملوك هو الذي أوجب اطراحه وأوجد أسفه وأذهب أفراحه وكان أيسر مما تقدمه من جهله وإساءته فحلمك جدير أن يلحقه بإخوته وإن كان قد تزايد مقداره فالمولى قد تضاعف على العفو اقتداره وإذا كبرت الخطيئة كثر أجر غفرانها وعلت المجاوزة عنها على أقرانها وعلى كلا الأمرين فقد استحق المملوك المغفرة بكل طريق وأن يقابل رجاؤه بالتحقيق وأمله بالتصديق .
وله وينهي أنه ما زال يتلو آيات محاسنه وحمده ويرفع رايات إحسانه ومجده ويتولاه ولا يتولى عن محبته ويكثر الثناء على ألمعي فطنته وجزيل مروءته وقد صار يشاهد من المولى ملالا وصدودا وإعراضا يغيظ به صديقا ويسر به حسودا واطراحا أوهمه أنه ألف وصل درجت أو لفظة هجر لفظت ولا يعرف له ذنبا يوجب إبعاده ولا جرما يستوجب به أن ينقض حبل وصله ويرفض وداده ولا يعلم سببا يوجب سبه ولا شيئا يحدث عتبه مع أن المملوك أحق أن يبدأ بالإعراض ويرفل من إغفال مودته في الثوب الفضفاض فإن المولى آلمه بالقول مرارا وجعل سحابة حيفه تهمي عليه مدرارا وهو يحتمل الأذى ويغضي على القذى ولا يظهر إلا محبة ولا يبطن له إلا مودة فإن شاهد المولى بعد إعراضه إعراضا فليلم نفسه أو احرقه لهب نار الجفاء فلا يشكو مسه يحيط بذلك علما ورأيه العالي .
شعر في العتاب - كامل - .
( مولاي قد طال التباعد بيننا ... أوما سئمت قطيعتي وملالي ) .
( إن لم ترق لحالتي يا هاجري ... مولاي قل لي من يرق لحالي )