فلأمت ما صدعه الدهر من مروته وجددت ما اخلقه من فروته فكف المملوك يديه عن امتحان الخلان وقبض لسانه عن شكاية الزمان وأقر ماء وجهه في قرارته وحفظ على جاهه لباس وجاهته فيا له من بر وقع من الفقر موقع القطر من القفر ولم يتقدمه من قدامة الوعد ما يتقدم القطر من جهامة الرعد وكل معروف وإن فاضت ينابيعه وطالت فروعه قاصر عن الأمل في كرمه واقع دون غايات هممه كما أن الشكر ولو واكب النجم وساكب السجم قاصر عن مكافأه تفضله ومجازاة تطوله والمملوك يسأل الله تعالى الذي جعله قدوة الكرام وحسنة الأيام ورب الإنعام وواحد الأنام أن يلهم المملوك من حمده بقدر ما أسبغه عليه من رفده .
رقعة شكر عند المملوك لسيدي أياد وصلت سابقة هواديها وظلت لاحقة تواليها فصارت صدورها نسبا أعتزي إليه وأعجازها سببا أعول في الملمات عليه .
رقعة لولا أن الله تعالى جعل الشكر ثمرة البر والحمد جزاء الرفد وأراد إقرارهما على أهلهما من الغابرين وأن يجعل لهم منا لسان صدق في الآخرين لكان الذي غمر به مولانا من الإنعام يتحدث عنه تحدث الرياح بآثار الغمام ويكفى المملوك بالإشارة مؤونة العبارة والمملوك وإن رام تأدية ما يلزمه من شكره قاصر عن غاية بره ولو استخدم ألسنة الأقلام واستغرق أمدي النثار والنظام ومولانا جدير بقبول اليسير الذي لا تمكن الزيادة عليه والصفح عن التقصير الذي تقود الضرورة إليه إن شاء الله تعالى .
رقعة لو أن هذه العارفة بكر عوارفه وباكورة لطائفه لعجزت عن شكرها وقصرت عن نشرها فكيف وقد سبقها قرائن ونظائر وتقدمها أتراب وضرائر مما أثقل من المملوك كاهله وبسط به يدي أمله فما يعدم شيئا