وقد علم مولانا أن للشفاعة أحوالا ثلاثا حالا تخص الشافع وحالا تخص المستشفع وحالا تخص المشفوع إليه ولكل حد يجب الانتهاء إليه ولا يجوز التقصير فيه فعلى المستشفع ارتياد أخصب جناب وأسكب سحاب وقصد الجهة التي لا تصد عن البغية سائلا ولا ترد عن الأمل آملا وأن ينهض بالشكر على العارفة ويحدث بالنعم عنه في الأحوال الطارفة وعلى الشافع أن يهريق ماء وجهه في السؤال ويجرد رغبته في تسهيل المنال ويعتقد أن ذلك من الدين المقترض والدين المفترض ويتكفل بالقيام بما يستدعي منه من المكافاة ويلتمس من العوض والمجازاة وعلى المشفوع إليه أن يعلم أن الشافع والمستشفع ما قصداه إلا بعد الثقة بأحديته ولا اعتمداه إلا بعد السكون إلى أريحيته وأنه لا ينبغي أن يخسر متجرهما ولا يضيع سفرهما وقد اجتمعت هذه الأحوال الثلاث للرئيس المشفوع إليه ولسيدي الشافع ولخادمه المستشفع به ولم يبق إلا عزمة منه تهز أفنان الإقبال فتساقط أثمارها وتنشيء عوارض الآمال فيتهافت قطارها .
أبو الفرج الببغاء .
وموصل كتابي هذا غني عن شفاعتي له بما يمت من حرمات الرغبة إليك والوقوف دون كل مقصد عليك وبما يشفع ذلك من التقدم في الصناعة والتوصل بوجيه الكفاية وإنما زودته هذه الأحرف لأفتح له باب الأنسة وأسهل السبل إلى التعلق بالخلة وأدل بها على ما تكشف منه المطاولة والخيرة وأنت أيدك الله ولي التطول بالتقدم في إيناسه وبسطه في الخدمة بما يستزيد له محمود الأثر فيها من حسن النظر وجميل الرأي