الانحراف إصلاح باديه تهذيب وتقويم وخافيه توقير وتعظيم لما في عتاب أمير المؤمنين من شرف الرتبة والدلالة على استقرار الأثرة والقربة وحلوله محل الصقال من أبيض النصال والثقاف من العسال ولا سيما ورياسته محفوظة وسيادته ملحوظة وهيبته في النفوس ماثلة وجلالته في القلوب حاصلة ولم ير المملوك أجل موهبة من الله سبحانه من شكر يسترهن هذه النعمة ويخلدها وحمد يرتبطها ويقيدها ورغبت إلى الله سبحانه أن يجعل هذا العز الحادث لابثا لا يتحول والسعد الطارف ماكثا لا يتنقل إن شاؤ الله تعالى .
ومن ذلك .
وينهي أن من عادة الزمان أن يكف سحابه ثم يكف ويرف نباته ثم يجف ويدر حلبه ثم ينقطع ويقبل خيره ثم يرتجع إلا أنه إذا سلب النعمة ممن يستوجب إمرارها عليه وانتزع الموهبة ممن يستحق استمرارها لديه كان كالغالط الذي يراجع نفسه فيندم على ما فرط ولا يلبث أن يستدرك الغلط معقبا نبوته بإنابته متعقبا هفوته باستقالته ماحيا إساءته برأب ما ثلم وأسو ما كلم وإصلاح ما أفسد وتأليف ما شرد فلا جرم أن النفوس بإقباله على من هذه صفته واثقة والآمال لانصرافه إلى من هذه صورته متحققة وإذا سلبها هرول في إيداعها لديه وأخذ في إفاضتها عليه وما زال المملوك مذ عامل الزمان مولانا بسوء أدبه ونأى عنه بجانبه وقبض بنانه وغير عليه سلطانه عارفا أن هذه الفعلة فلتة من فلتاته التي يتوقى شرها ولا يرجع إلى مثلها وأن الاستبصار يقوده إلى الاعتذار والاضطرار يحدوه على رد ما انتزعه بالإجبار لأنه لا يجد من يحل محل مولانا في ارتباطه بإيناسه وتعهده بسقي أغراسه وقيامه بشكره وتزكيته ببره متوقعا لأن تتيقظ عينه وينكشف رينه