إليه والرجل لا يصاحب إلا مثله أو شكله فإذا لم يجد المرء بدا من صحبة الناس تحرى صحبة من زانه إذا صحبه ولم يشنه إذا عرف به وإن رأى منه حسنة عدها وإن رأى منه سيئة سترها وإن سكت عنه ابتدأه وإن سأله أعطاه .
فأما اليوم فأكثر أحوال الناس تكون ظواهرها بخلاف بواطنها وما اشبه عشرتهم إلا بما أخبرني محمد بن يعقوب البغلاني حدثني عبد الصمد ابن الفضل حدثنا الحسين بن سهل التياس عن أبي عبيدة قال تكلم عصفور في بني إسرائيل مع فخ فقال العصفور انحناؤك لماذا قال من العبادة قال دفنك في التراب لماذا قال من التواضع قال فما هذا الشعر قال هذا لباسي قال ما هذا الطعام قال هذا أعددته لعابر السبيل قال فتأذن لي فيه قال نعم قال فنقر العصفور نقرة فأخذ بعنقه فجعل العصفور يقول شغ شغ شغ وقال والله لا يغرني قارئ بعدك أبدا .
وأنشدني محمد بن أبي علي لابن أبي اللقيش ... إن كنت تبغي العلم أو نحوه ... أو شاهدا يخبر عن غائب ... فاعتبر الأرض بأسمائها ... واعتبر الصاحب بالصاحب ... .
وأنشدني محمد بن إسحاق بن حبيب الواسطي ... تعارف أرواح الرجال إذا التقوا ... فمنهم عدو يتقى وخليل ... كذاك أمور الناس والناس منهم ... خفيف إذا صاحبته وثقيل ... .
وأنشدني المنتصر بن بلال الأنصاري ... اجعل قرينك من رضيت فعاله ... واحذر مقارنة القرين الشائن ... كم من قرين شائن لقرينه ... ومهجن منه لكل محاسن ... .
قال أبو حاتم رضى الله عنه إن من الناس من إذا رآه المرء يعجب به