وهو علمُ الطَّير بأنَّ الممدوحَ إِذا غزا عدوّاً كان الظَفَرُ له وكان هو الغالبَ . والآخرُ فرعٌ وهو طَمعُ الطَّيْر في أن تتَّسع عليها المطاعمُ من لُحوم القَتلى . وقد عمد النابغةُ إِلى الأصل الذي هو علمُ الطير بأنَّ الممدوح يكون الغالبَ فذَكَره صريحاً وكَشَفَ عن وجهه . واعتمد في الفرع الذي هو طمعُها في لحوم القتلى . وإِنها لذلك تحلِّقُ فوقه على دلالةِ الفحوى . وعكسَ أبو نواس القِصَّةَ فذكر الفرعَ الذي هو طمعُها في لحوم القتلى صريحاً فقال كما ترى : .
( ثقةً بالشِّبعِ مِنْ جَزَرِهْ ... ) .
وعوَّلَ في الأصل الذي هو علمُها بأنَّ الظفرَ يكونُ للممدوح على الفحوى ودلالة الفحوى على علمها أنَّ الظفرَ يكونُ للممدوح هي في أن قال : " من جَزَرِه " . وهي لا تثِقُ بأن شبعَها يكون منجَزَرِ الممدوح حتى تعلمَ أنَّ الظفرَ يكون له . أفيكونُ شيءٌ أظهرَ من هذا في النقلِ عن صورةٍ إِلى صورة .
( أرجعُ إِلى النَسَقِ . ومن ذلك قولُ أبي العتاهية - الخفيف - : .
( شِيَمٌ فَتَّحَتْ من المَدْحِ ما قد ... كان مستغلِقاً على المُدَّاحِ ) .
مع قولِ أبي تمام - الكامل - : .
( نظمتْ له خَرَزَ المديح مواهبٌ ... ينفُثْن في عُقَدِ اللسانِ المُفْحَمِ ) .
وقول أبي وجزة - الوافر - : .
( أتاك المجدُ من هَنَّا وَهَنّا ... وكنتَ له كمجتمَعِ السُّيولِ ) .
مع قولِ منصور النَّمري - البسيط - :