( جوانحَ قَدْ أيقنَّ أنّ قَبيلَهُ ... إِذا ما التَقى الصَّفَّان أَوّل غالِبِ ) .
مع قولِ أَبي نواس - مجزوء الرمل - : .
( وإِذا مَجَّ القَنا عَلقاً ... وتراءى الموتُ في صُوَرِهْ ) .
( راحَ في ثِنْيَيْ مُفاضَتهِ ... أسَدٌ يَدْمَى شَبا ظُفُرِهْ ) .
( تَتأيّا الطَّيْرُ غُدْوَتَهُ ... ثِقَةً بالشِّبعِ من جَزرِهْ ) .
المقصودُ البيتُ الأخيرُ . وحكى المَرْزُبانيُّ قال : حدَّثني عمرٌو الورَّاقُ : .
رأيتُ أبا نواس يُنْشِد قصيدتَه التي أولها : .
( أَيُّها المُنتابُ عَنْ عُفُرِهْ ... ) .
فحسدتهُ . فلم بلغَ إِلى قوله : .
( تَتأيّا الطَّيرُ غُدْوَتَهُ ... ثِقةً بالشِّبْعِ مِن جَزَرِهْ ) .
قلتُ له : ما تركتَ للنابغة شيئاً حيثُ يقول : إِذا ما غدا بالجيش : البيتين - فقال : اسكتْ فلئن كان سَبقَ فما أسأتُ الاتّباع .
وهذا الكلامُ من أبي نواسٍ دليلٌ بيِّنٌ في أن المعنى يُنْقلُ من صورةٍ إِلى صورة . ذاك لأنه لو كان لا يكونُ قد صَنَعَ بالمعنى شيئاً لكانَ قوله : فما أسأتُ الاتّباعَ : مُحالا . لأنّه على كل حال لم يَتَّبعه في اللفظ . ثم إِن الأَمْرَ ظاهرٌ لمن نَظَرَ في أنه قد نقل المعنى عن صورته التي هو عليها في شِعْر النابغَة إِلى صورةٍ أخرى وذلك أن هاهنا معنيين : أحدُهما أصلٌ