فقال النبيُّ : " أينَ المَظْهرُ يا أبا ليلى " فقلت : الجنّةُ يا رسولَ الله . قال : " أجلْ إنْ شاء الله " . ثم قال : " أنشِدْني " . فأنشدتهُ من قولي - الطويل - : .
( ولا خيرَ في حِلْمٍ إذا لم تَكُنْ لَهُ ... بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أن يُكَدَّرا ) .
( ولا خيْر في جَهْلٍ إذا لمْ يكنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إذا ما أَوْرَدَ الأمْرَ أصْدَرا ) .
فقال " أجدْتَ لا يَفْضُضِ اللّهُ فاك " . قال الرّازيُّ : فنظرتُ إليه فكأنَّ فاهُ البَرَدُ المُنْهَلُّ ما سَقطتْ له سِنٌّ ولا انفلَّتْ ترفُّ غُروبُه .
ومن ذلك حديثُ كعبِ بنِ زهيرٍ : رُويَ أنَّ كعباً وأخاه بُجَيْراً خرجا إلى رسولِ الله حتى بَلغا أبرقَ العزّاف فقال كعب لبجير : إلْقَ هذا الرجلَ وأنا مقيمٌ ها هنا فأنظُرُ ما يقولُ . وقدم بُجَيرٌ على رسول الله فعرضَ عليه الإِسلامَ فأسلمَ . وبلغَ ذلك كَعْباً فقال في ذلك شعراً . فأهدرَ النبيُ دَمه . فكتب إليه بُجَيرٌ يأمرُه أن يُسلمَ ويُقبلَ إلى النبّيَّ ويقولُ : إنَّ مَنْ شهدَ أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسولُ الله قَبَلَ منه رسولُ الله وأسقطَ ما كانَ قبلَ ذلك . قال : فقدِمَ كعبٌ وأنشدَ النّبيَّ قصيدتَه المعروفَة - البسيط - :