ومن تأثيرِ " إنَّ " في الجملة أنها تُغْني إذا كانتْ فيها عن الخبرِ في بعضِ الكلام . ووضعَ صاحبُ الكتاب في ذلك باباً فقال : " هذا باب ما يحسنُ عليه السكوتُ في الأحرفِ الخمسةِ " لإِضمارك ما يكونُ مستقرّاً لها وموضعاً لو أضمرتهُ وليس هذا المضْمَرُ بنفسِ المُظهَرِ . وذلك " إنَّ مالاً وإن ولداً وإنَّ عدداً " أي : إن لهم مالاً . فالذي أضمرتَ هو " لهم " . ويقولُ الرجلُ للرجل : هل لكم أحدٌ إنَّ الناس أَلْبٌ عليكمْ فَيَقول : إنَّ زيداً وإنَّ عمراً أي لنا وقال - المنسرح - : .
( إنَّ مَحَلاًّ وإنَّ مُرْتحلا ... وإِنَّ في السَّفْرِ إنْ مَضَوْا مَهَلا ) .
وتَقول : إنَّ غَيرَها إبلاّ وشاءَ كأنه قال : إن لنا أو عندنا غَيرها . قال : وانتصبَ الإِبلُ والشاءُ كانتصابِ الفارسِ إذا قلتَ : ما في الناسِ مثلُه فارساً . وقال : ومثلُ ذلك قوله من الرجز : .
( يا لَيْتَ أيَّام الصِّبا رَوَاجِعا ... ) .
قال : فهذا كقولِهم : ألا ماءً بارداً : كأنه قال : ألا ماءً لنا بارداً : وكأنه قال : يا ليتَ أيامَ الصِّبا أقبلتْ رواجعَ .
فقد أراك في هذا كلِّه أن الخَبرَ محذوفٌ . وقد ترى حُسْنَ الكلامِ وصحته مع حذفِه وتركِ النطق به . ثم إنَك إن عمدتَ إلى " إنَّ " فأسقطْتَها وجدتَ الذي كان حَسُنَ من حذفِ