فصل هذا فَنٌّ من المجازِ لم نذكره فيما تقدم .
اعلَمْ أنَّ طريق المجازِ والاتِّساعِ في الذي ذكرناه قبلُ أنك ذكرتَ الكلمةَ وأنت لا تريدُ معناها ولكن تريدُ معنى ما هو رِدفٌ له أو شبيهٌ . فتجوّزتَ بذلك في ذاتِ الكلمة وفي اللفظِ نفسه . وإِذ قد عرفتَ ذلك فاعلمْ أنَّ في الكلامِ مجازاً على غيرِ هذا السبيلِ وهو أن يكونَ التجوُّزُ في حُكمٍ يجري على الكلمة فقط وتكونَ الكلمةُ متروكةً على ظاهرِها ويكونَ معناها مقصوداً في نفسهِ ومُراداً من غيرِ توريةٍ ولا تعريض . والمثالُ فيه قولُهم : " نهارُك صائمٌ وليلكُ قائمٌ ونام ليلي وتجلَّى همي " . وقولُهُ تعالى : ( فما رَبِحَتْ تِجارَتُهُم ) وقولُ الفرزدق - الطويل - : .
( سَقَتْهَا خُرُوقٌ في المَسامِع لَمْ تَكُنْ ... عِلاطاً ولا مَخْبوطَةً في المَلاغِمِ ) .
أنت ترى مجازاً في هذا كلِّه ولكن لا في ذَواتِ الكلم وأنفُسِ الألفاظ ولكن في أحكامٍ أُجريتْ عليها أفلا ترى أنك لم تتجوَّزْ في قولك : " نهارُك صائمٌ وليلُكَ قائمٌ " في نفسِ صائمٍ وقائمٍ ولكنْ في أنْ أجريتهما خبرينِ على النَّهارِ والليلِ . وكذلك ليس المجازُ