هذا تعجب مما يسوغ التعجب منه لأن منع الجمع لا يكون في المتصلة وإنما هو في حكم المنفصلة .
وأما الاقتباس في علم الجدل فمنه قول شمس الدين بن العفيف .
( وما بال برهان العذار مسلما ... ويلزمه دور وفيه تسلسل ) .
( وعندي أن الشمس بالصحو آذنت ... وسكري أراه من محياك يقبل ) .
وأما الاقتباس من علم النحو فقد اتسع مجالهم فيه حتى غلب على غالبهم التوجيه فمنه قول أبي الطيب .
( حولي بكل مكان منهم حلق ... تخطي إذا جئت في استفهامها بمن ) .
أبو الطيب يقول إذا استفهمت عن مثل هؤلاء الأقوام لا تستفهم بمن لأن من لمن يعقل وهؤلاء عندي بمنزلة ما لا يعقل فحقهم أن يستفهم عنهم بما ومنه قوله .
( إذا كان ما ينويه فعلا مضارعا ... مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم ) .
يقول إذا هم بفعل أوقعه قبل أن يمنع وينهى عنه ويقال له لا تفعل أو ينفى فيقال لم يفعل ومنه قول ابن عنين في معزول .
( فلا تغضبن إذا ما صرفت ... فلا عدل فيك ولا معرفه ) ومنه قول ابن أبي الأصبع في ذلك .
( أيا قمرا من حسن وجنته لنا ... وظل عذاريه الضحى والأصائل ) .
( جعلتك للتمييز نصبا لناظري ... فهلا رفعت الهجر فالهجر فاعل ) .
قلت ومن أغرب ما وقع في هذا الباب أن شرف الدين محمد بن عنين مرض فكتب إلى الملك المعظم هذين البيتين .
( أنظر إلي بعين مولى لم يزل ... يولي الندى وتلاف قبل تلافي ) .
( أنا كالذي أحتاج ما يحتاجه ... فاغنم ثنائي والدعاء الوافي ) .
فجاءه الملك المعظم يعوده ومعه ألف دينار وقال له أنت الذي وأنا العائد وهذه الصلة