ومنه قول القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر يصف واديا .
( وبطحاء من واد يروقك حسنه ... ولا سيما إن جاد غيث مبكر ) .
( به الفضل يبدو والربيع وكم غدا ... به العيش يحيى وهو لا شك جعفر ) .
فالتورية وقعت هنا في الفضل والربيع ويحيى وجعفر والاشتراك في كل من الأربعة ظاهر .
النوع الثاني التورية المرشحة وهي التي يذكر فيها لازم المورى به سميت بذلك لتقويتها بذكر لازم المورى به ثم تارة يذكر اللازم قبل لفظ التورية وتارة بعده فهي بهذا الاعتبار قسمان فالقسم الأول منها هو ما ذكر لازمه قبل لفظ التورية وأعظم أمثلته قوله تعالى ( والسماء بنيناها بأيد ) فإن قوله بأيد يحتمل الجارحة وهذا هو المعنى القريب المورى به وقد ذكر من لوازمه على جهة الترشيح البنيان ويحتمل القوة وعظمة الخالق وهذا المعنى البعيد المورى عنه وهو المراد فإن الله سبحانه منزه عن المعنى الأول ومنه قول يحيى بن منصور من شعراء الحماسة .
( فلما نأت عنا العشيرة كلها ... أنخنا فحالفنا السيوف على الدهر ) .
( فما أسلمتنا عند يوم كريهة ... ولا نحن أغضينا الجفون على وقر ) .
الشاهد في الجفون فإنها تحتمل جفون العين وهذا هو المعنى القريب المورى به وقد تقدم لازما من لوازمه على جهة الترشيح وهو الإغضاء لأنه من لوازم العين وتحتمل أن تكون جفون السيوف أي أغمادها وهذا هو المعنى البعيد المورى عنه وهو مراد الناظم .
ومن ألطف ما وقع في هذا القسم قول شمس الدين الحكيم بن دانيال الكحال .
( يا سائلي عن حرفتي في الورى ... وصنعتي فيهم وإفلاسي ) .
( ما حال من درهم إنفاقه ... يأخذه من أعين الناس ) .
الشاهد هنا في أعين الناس فإنها تحتمل الحسد وضيق العين وهو المعنى