ولم يزل سائرا في سهولة هذه الجادة إلى أن قال .
( فلا تكثرن شكوى الزمان فإنما ... لكل ملم جيئة وذهاب ) .
( وقد كان ليل الفضل في الدهر داجيا ... إلى أن بدا للناظرين شهاب ) .
والأرجاني أيضا نظمه غريب في هذه البلاد فلذلك أوردت منه هنا هذه النبذة اللطيفة والله أعلم .
وقد آن لي أن أقدم مقدمات النتائج من أشعار المتأخرين في هذا النوع فإنهم رياحين حدائقة وأقمار مشارقه فالمقدم هنا قاضيهم الفاضل الذي ارتفع الخلاف بقضائه ونفذ حكمه بالموجب على ملوك هذه الصناعة وتقدم باستيفاء شرائط التقديم فصلى خلف إمامته الجماعة .
فمن مخالصه الفاضلية قوله من قصيدة يمدح بها خليفة الفاطميين في ذلك العصر مطلعها .
( ترى لحنيني أو حنين الحمائم ... جرت فحكت دمعي دموع الغمائم ) .
وما أحلى ما قال بعده .
( وهل من ضلوع أو ربوع ترحلوا ... فكل أراها دارسات المعالم ) .
( دعوا نفس المقروح تحمله الصبا ... وإن كان يهفو بالغصون النواعم ) .
تأخرت في حمل السلام عليكم ... لديها لما قد حملت من سمائم ) .
( فلا تسمعوا إلا حديثا لناظري ... يعاد بألفاظ الدموع السواجم ) .
( فإن فؤادي بعدكم قد فطمته ... عن الشعر إلا مدحة لابن فاطم ) .
ومثله قول العلامة الشيخ شرف الدين عبد العزيز الأنصاري شيخ شيوخ حماة من قصيدة دالية يمدح بها النبي مطلعها .
( ويلاه من نومي المشرد ... وآه من شملي المبدد ) .
ولم يزل يدير على خصور هذه الألفاظ الرقيقة وشاحات معانيه البديعية إلى أن قال .
( أكسبني نشوة بطرف ... سكرت من خمره فعربد )