( مواصلة بها رحلي كأني ... من الدنيا أريد بها انتقالا ) .
( سألن فقلن مقصدنا سعيد ... فكان اسم الأمير لهن فالا ) .
هذا المخلص أيضا من العجائب فإن الشيخ أبا العلاء سبكه في قالب التورية والاتفاق البديع وكان اسم الأمير في فالهم سعيدا والعرب ما برحوا يتفاءلون بالاسم الحسن ويتطيرون من ضده ومما استحسن لابن حجاج من المخالص قوله .
( ألا يا ماء دجلة لست تدري ... بأني حاسد لك طول عمري ) .
( ولو أني استطعت سكرت سكرا ... عليك فلم تكن يا ماء تجري ) .
( فقال الماء قل لي كل هذا ... بم استوجبته يا ليت شعري ) .
( فقلت له لأنك كل يوم ... تمر على أبي الفضل بن بشر ) .
( تراه ولا أراه وذاك شيء ... يضيق عن احتمالك فيه صبري ) .
قال صاحب المثل السائر حين أورد هذه الأبيات ما علمت معنى في هذا المقصد أبدع ولا أعذب ولا أرق ولا أحلى من معنى هذا اللفظ ويكفي ابن حجاج من الفضيلة أن يكون له مثل هذه الأبيات .
قلت ولعمري إن المخلص والأبيات بكمالها دون إطناب ابن الأثير في الوصف .
ولكن قال زكي الدين بن أبي الأصبع في كتابه المسمى بتحرير التحبير لما انتهى إلى هذا النوع أعني حسن التخلص إذا وصلت إلى ابن حجاج في هذا الباب فإنك تصل إلى ما لا تدركه الألباب فمن ذلك قوله على طريقته المعهودة منه .
وقد بادلتها فمبالها لي ... بمشورة استها ولها قذالي ) .
( كما لابن العميد جميع مدحي ... ودنيا ابن العميد جميعها لي ) .
ومن المخالص الفائقة قول الأستاذ أبي الحسن مهيار بن مرزويه الكاتب من قصيدة بائية يمدح بها الأمير سيف الدولة ابن مزيد مطلعها .
( هب من زمانك بعض الجد للعب ... واهجر إلى راحة شيئا من التعب ) .
ولم يزل ماشيا على هذا السنن إلى أن قال .
( تسعى السقاة علينا بين منتظر ... بلوغ كأس ووثاب بمستلب ) .
( كأنما قولنا للبابلي أدر ... سلافة قولنا للمزيدي هب )