تشعر بغرض الناظم وقصده في قصيده براعة قصيدة الفقيه نجم الدين عمارة اليمني حيث قال .
( إذا لم يسالمك الزمان فحارب ... وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب ) .
فإشارات العتب والشكوى لا تخفى على أهل الذوق في هذه البراعة ويفهم منها أن بقية القصيدة تعرب عن ذلك فإن زكي الدين بن أبي الإصبع قال براعة الاستهلال هي ابتداء المتكلم بمعنى ما يريد تكميله وهذه القصيدة في حكمها وتحشمها وتسيير أمثالها نهاية والموجب لنظمها على هذا النمط أنه كان بينه وبين الكامل بن شارر صحبة أكيدة قبل وزارة أبيه فلما وزر استحال عليه فكتب إليه هذه القصيدة التي من جملتها .
( ولا تحتقر كيدا صغيرا فربما ... تموت الأفاعي من سموم العقارب ) .
ومنها .
( إذا كان رأس المال عمرك فاحترز ... عليه من الإنفاق في غير واجب ) .
( فبين اختلاف الليل والصبح معرك ... يكر علينا جيشه بالعجائب ) .
ومنها .
( وما راعني غدر الشباب لأنني ... ألفت لهذا الخلق من كل صاحب ) .
ومنها .
( إذا كان هذا الدر معدنه فمي ... فصونوه عن تقبيل راحة واهب ) .
( رأيت رجالا حالهم في مآدب ... لديكم وحالي عندكم في نوادب ) .
( تأخرت لما قدمتكم علاكم ... علي وتأبى الأسد سبق الثعالب ) .
( ترى أين كانوا في مواطني التي ... غدوت لكم فيهن أكرم خاطب ) .
( ليالي أتلو ذكركم في مجالس ... حديث الورى فيها بغمز الحواجب ) .
ومن ألطف البراعات وأحشمها براعة مهيار الديلمي فإنه بلغه أنه وشي به إلى ممدوحه فتنصل من ذلك بألطف عذر وأبرزه في معرض التغزل والنسيب فقال .
( أما وهواها حلفة وتنصلا ... لقد نقل الواشي إليك فامحلا ) .
وما أحلى ما قال بعده .
( سعى جهده لكن تجاوز حده ... وكثر فارتابت ولو شاء قللا )