( لك أن تشوقني إلى الأوطان ... وعلي أن أبكي بدمع قان ) .
والآراء على هذا النوع تستحسن هنا مطلع ناصر الدين بن النقيب فإنه أعدل شاهد مقبول والتشبيب بنفسه الطيب يغني في هذه الحضرة عن الموصول وهو .
( قلدت يوم البين جيد مودعي ... دررا نظمت عقودها من أدمعي ) .
وبالنسبة إلى حسن الابتداءات مطلع الشيخ برهان الدين القيراطي مع حسنه وبهجته فيه نقص وهو .
( قسما بروضة خدها ونباتها ... وبآسها المخضل في جنباتها ) .
فإنه لم يأت بجواب القسم ولا ما يحسن السكوت على مطلعه ولا تتم الفائدة إلا به .
ومشايخ البديع قرروا أن لا يكون المطلع متعلقا بما بعده في حسن الابتداء .
وقد آن أن أحبس عنان القلم فإن الشرح قد طال ولم أطله إلا ليزداد الطالب إيضاحا ويداوي علل فهمه بحكم المتقدمين ويتنزه في رياض الأدب على النبات الغض من نظم المتأخرين .
براعة الاستهلال في النظم .
انتهى ما أوردته في حسن الابتداء وقد فرع المتأخرون منه براعة الاستهلال في النظم والنثر وفيها زيادة على حسن الابتداء فإنهم شرطوا في براعة الاستهلال أن يكون مطلع القصيدة دالا على ما بنيت عليه مشعرا بغرض الناظم من غير تصريح بل بإشارة لطيفة تعذب حلاوتها في الذوق السليم ويستدل بها على قصده من عتب أو عذر أو تنصل أو تهنئة أو مدح أو هجو وكذلك في النثر فإذا جمع الناظم بين حسن الابتداء وبراعة الاستهلال كان من فرسان هذا الميدان وإن لم يحصل له براعة الاستهلال فليجتهد في سلوك ما يقوله في حسن الابتداء .
وما سمي هذا النوع براعة الاستهلال إلا لأن المتكلم يفهم غرضه من كلامه عند ابتداء رفع صوته به ورفع الصوت في اللغة هو الاستهلال يقال استهل المولود صارخا إذا رفع صوته عند الولادة .
وأهل الحجيج إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية وسمي الهلال هلالا لأن الناس يرفعون أصواتهم عند رؤيته .
ومما وقع من براعات الاستهلال التي