وقد تقرر أن المطابقة الجمع بين الضدين عند غالب الناس سواء كانت من سمين أو من فعلين أو غير ذلك .
قال الأخفش وقد سئل عنها أجد قوما يختلفون فيها فطائفة وهم الأكثر يرون أنها الشيء وضده وطائفة يزعمون أنها اشتراك المعنيين في لفظ واحد منهم قدامه بن جعفر الكاتب وأوردوا في ذلك قول زياد الأعجم .
( ونبئتهم يستنصرون بكاهل ... وللؤم فيهم كاهل وسنام ) .
فكاهل الأول اسم رجل والثاني العضو المعروف فاللفظ واحد والمعنيان مختلفان وهذا هو الجناس التام بعينه وقال الأخفش من قال إن المطابقة اشتراك المعنيين في لفظ واحد فقد خالف الخليل والأصمعي فقيل أوكانا يعرفان ذلك فقال سبحان الله من أعلم منهما بطيبه وخبيثه وما أحسن ما أتى الأخفش في الجواب بالمطابقة .
ومنهم من أدخل المقابلة فيها وليس بمليح إذ لم يبق للفرق بينهما محل .
فإن السكاكي قال المقابلة أن تجمع بين شيئين فأكثر وتقابل بالأضداد ثم إذا شرطت هنا شيئا شرطت هناك ضده والمطابقة هي الإتيان بلفظتين والواحدة ضد الأخرى وكأن المتكلم طابق الضد بالضد .
ولقد شفى زكي الدين بن أبي الأصبع القلوب في ما قرره فإنه قال المطابقة ضربان ضرب يأتي بألفاظ الحقيقة وضرب يأتي بألفاظ المجاز فما كان بلفظ الحقيقة سمي طباقا وما كان بلفظ المجاز سمي تكافؤا .
فمثال التكافؤ وهو من إنشادات قدامة .
( حلو الشمائل وهو مر باسل ... يحمي الذمار صبيحة الإرهاق ) .
فقوله حلو ومر يجري مجرى الاستعارة إذ ليس في الإنسان ولا في شمائله ما يذاق بحاسة الذوق .
ومن أمثلة التكافؤ قول ابن رشيق وهو حسن .
( وقد أطفؤا شمس النهار وأوقدوا ... نجوم العوالي في سماء عجاج )