463 - خطبة أخرى .
وكان يقول رحم الله عبدا كسب طيبا وأنفق قصدا وقدم فضلا وجهوا هذه الفضول حيث وجهها الله وضعوها حيث أمر الله فإن من كان قبلكم كانوا يأخذون من الدنيا بلاغهم ويؤثرون بالفضل ألا إن هذا الموت قد أضر بالدنيا ففضحها فلا والله ما وجد ذو لب فيها فرحا فإياكم وهذه السبل المتفرقة التي جماعها الضلالة وميعادها النار أدركت من صدر هذه الأمة قوما كانوا إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون خدودهم تجري دموعهم على خدودهم يناجون مولاهم في فكاك رقابهم إذا عملوا الحسنة سرتهم وسألوا الله أن يتقبلها منهم وإذا عملوا سيئة ساءتهم وسألوا الله أن يغفرها لهم يا بن آدم إن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس ها هنا شىء يغنيك وإن كان يغنيك ما يكفيك فالقليل من الدنيا يكفيك يا بن آدم لا تعمل شيئا من الحق رياء ولا تتركه حياء .
464 - خطبة أخرى .
وكان يقول إن العلماء كانوا قد استغنوا بعلمهم عن أهل الدنيا وكانوا يقضون بعلمهم على أهل الدنيا ما لا يقضي أهل الدنيا بدنياهم فيها وكان أهل الدنيا يبذلون دنياهم لأهل العلم رغبة في علمهم فأصبح اليوم أهل العلم يبذلون علمهم لأهل الدنيا رغبة في دنياهم فرغب أهل الدنيا بدنياهم عنهم وزهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم وكان يقول لا أذهب إلى من يوارى