والمروءات يتركون منافعهم متى كانت عليهم فيها وصمة وقد قيل في مجلس عبد الملك ابن مروان أشرب مصعب الخمر فقال عبد الملك وهو عدو له محارب له على الملك لو علم مصعب أن الماء يفسد مروءته ما شربه والفضل ما شهدت به الأعداء .
يا بني وقد علمت أن الدنيا دار مفارقة وتغير وقد قيل اصحب من شئت فإنك مفارقه فمتى فارقت أحدا فعلي حسني في القول والفعل فإنك لا تدرى هل أنت راجع إليه فلذلك قال الأول .
( ولما مضى سلم بكيت على سلم ... وإياك والبيت السائر ) .
( وكنت إذا حللت بدار قوم ... رحلت بخزية وتركت عارا ) .
واحرص على ما جمع قول القائل ثلاثة تبقى لك الود في صدر أخيك أن تبدأه بالسلام وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب الأسماء إليه واحذر كل ما بينه لك القائل كل ما تغرسه تجنيه إلا إبن آدم فإنك إذا غرسته يقلعك وقول الآخر ابن آدم يتمسكن حتى يتمكن وقول الآخر ابن آدم ذئب مع الضعف أسد مع القوة .
وإياك أن تثبت على صحبة أحد قبل أن تطيل اختباره فيحكى أن ابن المقفع خطب من الخليل صحبته فجاوبه إن الصحبة رق ولا أضع رقى في يدك حتى أعرف كيف ملكتك وأستمل من عين من تعاشره وتفقد في فلتات الألسن وصفحات الأوجه ولا يحملك الحياء على السكوت عما يضرك أن لا تبينه فإن الكلام سلاح السلم وبالأنين يعرف ألم الجرح واجعل لكل أمر أخذت فيه غاية تجعلها نهاية لك