الكفء بمعاملة الأعلى ولا تضيع عمرك فيمن يعاملك بالمطامع ويثيبك على مصلحة حاضرة عاجلة بغائبة اجلة واسمع قول الأول .
وبع آجلا منك بالعاجل وأقلل من زيارة الناس ما استطعت ولا تجفهم بالجملة ولكن يكون ذلك بحيث لا يلحق منه ملل ولا ضجر ولا جفاء ولاتقل أيضا أقعد في كسر بيتى ولا أرى أحدا وأستريح من الناس فإن ذلك كسل داع إلى الذل والمهانة وإذا علم عدو لك أو صديق منك ذلك عاملاك بحسبه فازدراك الصديق وجسر عليك العدو وإياك أن يغرك صاحب عن أن تدخر غيره للزمان وتطيعه في عداوة سواه ففي الممكن أن يتغير عليك فتطلب إعانة غيره أو استغناء عنه فلا تجد ذخيرة قدمتها وكان هو في أوسع حال وأعلي رأي بما دبره بحيلته في انقطاعك عن غيره فلو اتفق لك أن تصحب من كل صناعة ورياسة من يكون لك عدة لكان ذلك أولي وأصوب وسلني فإنى خبير طال والله ما صحبت الشخص أكثر عمري لا أعتمد على سواه ولا أعتد إلا إياه منخدعا بسرابه موثوقا في حبائل خطابه إلى أن لا يحصل لي منه غير العض على البنان وقول لو كان ولو كان ولا يحملنك أيضا هذا القول أن تظنه في كل أحد وتعجل المكافأة وليكن حسن الظن بمقدار ما والفطن لا تخفى عليه مخايل الأحوال وفي الوجوه دلالات وعلامات وأصغ إلى القائل .
( ليس ذا وجه من يضيف ولا يقرى ... ولا يدفع الأذى عن حريم ) .
فمن يكن له وجه مثل هذا الوجه فول وجهك عنه قبلة ترضاها ولتحرص جهدك على أن لا تصحب أو تخدم إلا رب حشمة ونعمة ومن نشأ في رفاهية ومروءة فإنك تنام معه في مهاد العافية وإن الجياد على أعراقها تجرى وأهل الأحساب