في جانبه لحسود لك منه يريد إبعادك عنه لمنفعته أو حسود له يغار لتجمله بصحبتك ومع هذا فلا تغتر بطول صحبته ولاتتمهد بدوام رقدته فقد ينبهه الزمان ويغير منه القلب واللسان ولذا قيل إذا أحببت فأحبب هونا ما ففى الممكن أن ينقلب الصديق عدوا والعدو صديقا وإنما العاقل من جعل عقله معيارا وكان كالمرآة يلقى كل وجه بمثاله وجعل نصب ناظره قول أبى الطيب .
( ولما صار ود الناس خبا ... جزيت على ابتسام بابتسام ) .
وفي أمثال العامة من سبقك بيوم فقد سبقك بعقل فاحتذ بأمثلة من جرب واستمع إلى ما خلد الماضون بعد جهدهم وتعبهم من الأقوال فإنها خلاصة عمرهم وزبدة تجاربهم ولا تتكل على عقلك فإن النظر فيما تعب فيه الناس طول أعمارهم وابتاعوه غاليا بتجاربهم يربحك ويقع عليك رخيصا وإن رأيت من له مروءة وعقل وتجربة فاستفد منه ولا تضيع قوله ولا فعله فإن فيما تلقاه تلقيحا لعقلك وحثا لك واهتداء .
وإياك أن تعمل بهذا البيت في كل موضع والحر يخدع بالكلام الطيب فقد قال أحدهم ما قيل أضر من هذا البيت على أهل التجمل وليس كل ما تسمع من أقوال الشعراء يحسن بك أن تتبعه حتى تتدبره فإن كان موافقا لعقلك مصلحا لحالك فراع ذلك عندك وإلا قانبذه نبذ النواة فليس لكل أحد يتبسم ولا كل شخص يكلم ولا الجود مما يعم به ولا حسن الظن وطيب النفس مما يعامل به كل أحد ولله در القائل .
( ومالي لا أوفي البرية قسطها ... على قدر ما يعطي وعقلي ميزان ) .
وإياك أن تعطي من نفسك إلا بقدر فلا تعامل الدون بمعاملة الكفء ولا