يا بني الذي لا ناصح له مثلي ولا منصوح لي مثله قد قدمت لك في هذا النظم ما إن أخطرته بخاطرك في كل أوان رجوت لك حسن العاقبة إن شاء الله تعالى وإن أخف منه للحفظ وأعلق بالفكر وأحق بالتقدم قول الأول .
( يزين الغريب إذا ما اغترب ... ثلاث فمنهن حسن الأدب ) .
( وثانية حسن أخلاقه ... وثالثة إجتناب الريب ) .
وإذا اعتبرت هذه الثلاثة ولزمتها في الغربة رأيتها جامعة نافعة لا يلحقك إن شاء الله مع استعمالها ندم ولا يفارقك بر ولا كرم ولله در القائل .
( يعد رفيع القوم من كان عاقلا ... وإن لم يكن في قومه بحسيب ) .
( إذا حل أرضا عاش فيها بعقله ... وما عاقل في بلدة بغريب ) .
وما قصر القائل حيث قال .
( واصبر على خلق من تعاشره ... وداره فاللبيب من دارى ) .
( واتخذ الناس كلهم سكنا ... ومثل الأرض كلها دارا ) وأصغ يا بني إلى البيت الذي هو يتيمة الدهر وسلم الكرم والصبر .
( ولو أن أوطان الديار نبت بكم ... لسكنتم الأخلاق والآدابا ) .
إذ حسن الخلق أكرم نزيل والأدب أرحب منزل ولتكن كما قال بعضهم في أديب متغرب وكان كلما طرأ على ملك فكأنه معه ولد وإليه قصد غير مستريب بدهره ولا منكر شيئا من أمره وإذا دعاك قلبك إلى صحبة من أخذ بمجامع هواه فاجعل التكلف له سلما وهب في روض أخلاقه هبوب النسيم وحل بطرفه حلول الوسن وأنزل بقلبه نزول المسرة حتى يتمكن لك وداده ويخلص فيك اعتقاده وطهر من الوقوع فيه لسانك وأغلق سمعك ولا ترخص