فيجيبه الكاهن بأن لا علم عندي حتى لم يدع كاهنا علمه إلا كان إليه منه ذلك فتضاعف قلقه وطال أرقه وكانت أمه قد تكهنت فقالت له أبيت اللعن أيها الملك إن الكواهن أهدى إلى ما تسأل عنه لأن أتباع الكواهن من الجان ألطف وأظرف من أتباع الكهان فأمر بحشر الكواهن إليه وسألهن كما سأل الكهان فلم يجد عند واحدة منهن علما مما أراد علمه ولما يئس من طلبته سلا عنها ثم إنه بعد ذلك ذهب يتصيد فأوغل في طلب الصيد وانفرد عن أصحابه فرفعت له أبيات من ذرا جبل وكان قد لفحه الهجير فعدل إلى الأبيات وقصد بيتا منها كان منفردا عنها فبرزت إليه منه عجوز فقالت له أنزل بالرحب والسعة والأمن والدعة والجفنة المدعدعة والعلبة المترعة فنزل عن جواده ودخل البيت فلما احتجب عن الشمس وخفقت عليه الأرواح نام فلم يستيقظ حتى تصرم الهجير فجلس يمسح عينيه فإذا هو بين يديه فتاة لم ير مثلها قواما ولا جمالا فقالت أبيت اللعن أيها الملك الهمام هل لك في الطعام فاشتد إشفاقه وخاف على نفسه لما رأى أنها عرفته وتصام عن كلمتها فقالت له لا حذر فداك البشر فجدك الأكبر وحظنا بك الأوفر ثم قربت إليه ثريدا وقديدا وحيسا وقامت تذب عنه حتى انتهى أكله ثم سقته لبنا صريفا وضريبا فشرب ما شاء وجعل يتأملها مقبلة ومدبرة فملأت عينيه حسنا وقلبه هوى فقال لها ما اسمك يا جارية قالت اسمي عفيراء فقال لها يا عفيراء من الذي دعوته بالملك الهمام قالت مرثد العظيم الشان حاشر الكواهن والكهان لمعضلة بعد عنها الجان فقال يا عفيراء