فإذا هي الجارية فقلت لها ما الذي أفادك الحق بعد انفرادك عن الخلق فقالت أنسي به وحشتي من غيره ثم توجهت إلى البيت وقالت إلهي كم تخلفني في دار لا أرى فيها أنيسا قد طال شوقي فعجل قدومي عليك ثم شهقت شهقة وخرت ميته رحمة الله تعالى عليها فلما نظر إليها مولاها بكى وجعل يدعو ويضعف كلاما إلى أن خر إلى جانبها ميتا رحمة الله عليه فدفناهما في قبر واحد شعر .
( بحرمة ما قد كان بيني وبينكم ... من الود إلا ما رجعتم إلى وصلي ) .
( ولا تحرمونى نظرة من جمالكم ... فلن تجدوا عبدا ذليلا لكم مثلي ) .
( فوالله ما يهوى فؤادي سواكم ... ولو رشقوه بالأسنة والنبل ) .
وحكى أنه كان في زمن بني إسرائيل رجل من العباد الموصوفين بالزهد وكان قد سخر الله له سحابة تسير معه حيث يسير فاعتراه فتور في بعض الأيام فأزال الله عنه سحابته وحجب إجابته فكثر لذلك حزنه وشجونه وطال كمده وأنينه وما زال يشتاق إلى زمن الكرامة ويبكي ويتأسف ويتحسر ويتلهف فقام ليلة من الليالي فصلى ما شاء الله وبكى وتضرع ودعا الله تعالى ونام فقيل له في المنام إذا أردت أن يرد الله تعالى عليك سحابتك فائت الملك الفلاني في بلد كذا واسأله أن يدعو الله لك أن يرد عليك سحابتك قال فسار الرجل يقطع الأرض حتى وصل إلى تلك البلد التى ذكرت له في المنام فدخلها وسأل من يرشده إلى قصر الملك فجاء الى القصر وإذا عند بابه غلام جالس على كرسي عظيم من الذهب الأحمر مرصع بالدر والجوهر والناس بين يديه يسألونه حوائجهم وهو يصرف الناس فوقف الرجل الصالح بين يديه وسلم عليه فقال له الغلام من أين أنت وما حاجتك فقال من بلاد بعيدة وقصدي الاجتماع بالملك فقال له الغلام لا سبيل لك اليوم فسل حاجتك أقضها لك إن استطعت فقال إن حاجتى لا يقضيها إلا الملك فقال الغلام إن الملك ليس له