فإن لنا بها عناية قال سري فسجدت لله شكرا وجلست أتوقع طلوع الفجر فلما طلع صلينا وذكرنا وانصرفنا نحوها فسمعناها تقول .
( قد تصبرت ألى ان ... عيل من حبك صبري ) .
( ضاق من غلي وقيدي ... وامتهاني منك صدري ) .
( ليس يخفي عنك أمري ... يا منى قلبي وذخري ) .
( أنت قد تعتق رقي ... وتفك اليوم أسري ) .
قال سري فبينما أنا أسمعها وإذا بمولاها قد جاء وهو يبكي فقلت لا بأس عليك قد جئناك برأس مالك وربح عشرة آلاف درهم فقال والله لا فعلت ذلك قلت نزيدك قال والله لو أعطيتني ما بين الخافقين ما فعلت وهي حرة لوجه الله تعالى فقال فتعجبت من ذلك وقلت ما كان هذا كلامك بالأمس فقال جيبي لا توبخني فالذي وقع لي من التوبيخ كفاني وأشهدك أني قد خرجت من جميع مالي صدقة في سبيل الله تعالى وإني هارب إلى الله تعالى فبالله لا تردني عن صحبتك فقلت نعم ثم التفت فرأيت صاحب المال يبكي فقلت ما يبكيك قال يا أستاذي ما قلبني مولاى لما ندبني إليه ورد علي ما بذلت أشهدك أني قد خرجت من جميع ما أملكه لله تعالى في سبيل الله وكل عبد أملكه وجارية أحرار لوجه الله تعالى قال سري فقلت ما أعظم بركتك يا جارية قال فنزعنا الغل من عنقها والقيد من رجلها وأخرجناها من المارستان فنزعت ما كان عليها من ناعم الثياب ولبست خمارا من صوف ومدرعة من شعر وولت وقال سري فتوجهت أنا ومولاها وصاحب المال الى مكة فبينما نحن نطوف إذ سمعنا صوتا فتبعناه فإذا هى أمرأة كالخيال فلما رأتني قالت السلام عليكم ورحمة عليك بأسري فلت لها وعليك السلام لله وبركاته من أنت فقالت لا أله الا الله وقع الشك بعد المعرفة فتأملها