( معشر الناس ما جننت ولكن ... أنا سكرانة وقلبي صاحي ) .
( لم غللتم يدي ولم آت ذنبا ... غير هتكي في حبه وافتضاحي ) .
( أنا مفتونة بحب حبيب ... لست أبغي عن بابه من براح ) .
( ما على من أحب مولى الموالى وارتضاه لنفسه من جناح ) .
قال فلما سمعت كلامها بكيت بكاءا شديدا فقالت يا سري هذا بكاؤك من الصفة فكيف لو عرفته حق المعرفة قال فبينما هى تكلمنى إذ جاء سيدها فلما رآني عظمنى فقلت والله هى أحق منى بالتعظيم فلم فعلت بها هذا قال لتقصيرها في الخدمة وكثرة بكائها وشدة حنينها وأنينها كأنها ثكلى لا تنام ولا تدعنا ننام وقد اشتريتها بعشرين ألف درهم لصناعتها فإنها مطربة قلت فما كان بدء أمرها قال كان العود في حجرها يوما فجعلت تقول .
( وحقك لأنقضت الدهر عهدا ... ولا كدرت بعد الصفو ودا ) .
( ملأت جوانحي والقلب وجدا ... فكيف أقر يا سكني وأهدأ ) .
( فيا من ليس لي مولى سواه ... تراك رضيتني بالباب عبدا ) .
فقلت لسيدها أطلقها وعلى ثمنها فصاح وافقراه من أين لك عشرون ألفا يا سرى فقلت لا تعجل علي فقال تكون في المارستان حتى توفيني ثمنها فقلت نعم قال سري فانصرفت وعيني تدمع وقلبي يخشع وأنا والله ما عندى درهم من ثمنها فبت طول ليلتي أتضرع إلى الله تعالى فإذا بطارق يطرق الباب ففتحت فدخل علي رجل ومعه سته من الخدم ومعهم خمس بدر فقال اتعرفني يا سري قلت لا قال أنا أحمد بن المثني كنت نائما فهتف بي هاتف وقال لي يا أحمد هل لك في معاملتنا فقلت ومن أولى منى بذلك فقال احمل الى سري السقطى خمس بدر من أجل الجارية الفلانية