فقالت : ثَلّثْه فقال : .
( ولي صاحبٌ منْ بني الشَّيْصَبان ... فحيناً أقول وحيناً هُوَهْ ) - المتقارب - فخلَّت سبيله وقالت : أَوْلَى لك ! قال الأصمعي : يقال السّعلاة سَاحرَةُ الجن .
فائدة .
قال أبو إسْحاق البَطْلَيَوْسي وقد أنشد قول الفرزدق : .
( وما مثلُه في الناس إلاّ مُمَلَّكاً ... أبُو أمّه حَيٌّ أبوه يُقَاربُه ) - الطويل - هذا وأمثاله وإن كان جائزاً في الإعراب فليس بحسَنٍ في الشعر عند ذوي الألباب لما فيه من وَهْى النَّسْج والاضطراب والشعر إذا أحوج إلى شرح لم يَعُدْ في فاخر المساق ولا قام في الإحسان على ساق ولا عَذُب في المذاق فهو مكروه عند الحُذَّاق .
ويحتاج الشعر إلى أن يَسْبق معناه لفظَه فتستلذّ النفوس روايَته وحفظَه وأول ما ينبغي للشاعر والمتكلم بيانُ ما يحاوله للعالم والمتعلم فإن تكلَّم بمقلوب مَجَّتْهُ الأسماع والقلوب ولم يتحصل منه الغرض المطلوب فإن قال قائل : أما ترى في أشعار العرب أمثال هذا قوله : .
( لها مُقْلَتَا أَدْماء طل خميلة ... من الوحش ما يَنْفَكّ يَرْعَى عَرَارها ) - الطويل - قيل له : وهذا أيضاً قد أحالَ وهاذى والعجب ممن تكلف مثل هذا لم لَمْ يخفف عن نفسه الكُلْفة والملام وتعرَّض لأن يُلام وتَرَكَ بَيّن الكلام ! وإنما يتفاضل الكلام والشعر بحسن العبارة والدّيباجة ورَوْنق الفصاحة حتى تكونَ ألفاظهما كالزجاجة وإلاّ فالمعاني مُعَرَّضة لكل جيل من أهل التوحيد والشرك حتى للزَّنْج والتَّتر والتُّرْك لكنهم قصرت بهم ألسنتهم عن بلوغ ما رامُوه من أَرَب قد تَهيَّأ على