وقد ألَّف الإمام أبو محمد عبد اللّه بن برّي الحواشيَ على الصّحاح وصَلَ فيها إلى أثناء حرف الشين فأكملها الشيخ عبد اللّه بن محمد البسطي .
وألَّف الإمام رضيّ الدين الصَّغَاني التَّكْملَة على الصحاح ذَكَرَ فيها ما فاته من اللّغة وهي أكبرُ حجماً منه وكان في عَصْر صاحب الصَّحاح ابنُ فارس فالتزم أن يذكرَ في مُجْمَله الصحيح .
قال في أوله : قد ذَكرنا الواضحَ من كلام العرب والصحيحَ منه دون الوَحْشيّ المُسْتَنْكر ولم نألُ في اجتباء المشهور الدَّالّ على غُرَر وتفسير حديث أو شعر والمقصودُ في كتابنا هذا من أوّله إلى آخره التقريبُ والإبانةُ عما ائْتَلف من حروف العربية فكان كلاماً وذكْرُ ما صحَّ من ذلك سماعاً أو من كتاب لا يشكُّ في صحَّة نَسَبه لأنَّ مَنْ عَلم أن اللّه تعالى عند مَقَال كلّ قائل فهو حَريٌّ بالتَّحَرُّج من تطويل المؤلَّفات وتكثيرها بمُسْتَنْكَر الأقاويل وشنيع الحكايات وبُنَيَّات الطُّرُق فقد كان يُقال : مَنْ تتبَّع غرائبَ الأحاديث كَذَب ونحن نعوذ باللّه من ذلك .
وقال في آخر المجمل : قد توخَّيْتُ فيه الاختصارَ وآثرتُ فيه الإيجازَ واقتصرتُ على ما صحَّ عندي سماعاً ومن كتابٍ صحيح النسب مشهورٍ ولولا توخّي ما لم أشككّ فيه من كلام العرب لَوَجَدْتُ مقالاً .
وأعظمُ كتابٍ أُلّفَ في اللغة بعد عَصْر الصّحاح كتابُ المُحْكَم والمحيط الأعظم لأبي الحسن علي بن سيدَه الأندلسي الضَّرير ثم كتابُ العُباب للرضي الصَّغاني ووصل فيه إلى فصل ( بكَم ) حتى قال القائل : - من مجزوء الرجز - .
( إن الصّغاني الذي ... حاز العلوم والحكم ) .
( كان قُصَارى أَمْره ... أن انتهى إلى بكم ) .
ثم كتابُ القاموس للإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الفَيْرُوزَابادي شيخ شيوخنا ولم يصل واحدٌ من هذه الثلاثة في كَثرَة التَّدَاول إلى ما وصل إليه الصّحاح