قال أبو زكريا الخطيب التّبريزي اللّغوي : يقال كتاب الصحّاح بالكسر وهو المشهور وهو جمع صحيح كظريف وظراف ويقال : الصَّحاح بالفتح وهو مفرد نعت كصحيح .
وقد جاءَ فَعال بفتح الفاء لغةً في فعيل كصحيح وصَحاح وشحيح وشَحاح وبرىءٍ وبَراءٍ .
قال : وكتاب الصّحاح هذا كتابٌ حسنُ الترتيب سَهلُ المطلب لما يُراد منه وقد أتى بأشياءَ حسنة وتفاسير مشكلات من اللغة إلاّ أنه مع ذلك فيه تصحيفٌ لا يُشَكُّ في أنه من المصنّف لا من الناسخ لأنَّ الكتاب مبنيٌّ على الحروف .
قال : ولا تخلو هذه الكتبُ الكبار من سهْوٍ يقعُ فيها أو غلطٍ .
غير أن القليل من الغَلط الذي يقع في الكُتب إلى جنب الكثير الذي اجتهدوا فيه وأتعبوا نفوسهم في تصحيحه وتنقيحه معفوٌّ عنه .
هذا كلام الخطيب أبي زكريا .
وقال أبو منصور عبد الملك بن أحمد بن إسماعيل الثعالبي اللغوي في كتابه ( يتيمة الدهر ) في محاسن أهل العصر : كان الجوهريُّ من أعاجيب الزمان وهو إمام في اللغة وله كتاب الصحاح وفيه يقول أبو محمد إسماعيل بن محمد بن عبدوسٍ النيسابوري : - من المنسرح - .
( هذا كتابُ الصّحاح سيّدُ ما ... صُنّف قبل الصحاح في الأدب ) .
( تَشْمَلُ أبوابُه وَتَجْمَعُ ما ... فُرّق في غيره من الكُتُب ) .
وقال ابنَ برّي : الجوهري أَنْحَى اللغويين .
وقال ياقوت الحموي في معجم الأدباء : كتاب الصحاح هو الذي بأيْدي الناس اليوم وعليه اعتمادُهم أحْسنَ الجوهري تصنيفَه وجوَّدَ تأليفَه هذا مع تصحيف فيه في عدّة مواضع تَتَبَّعَها عليه المحققون .
وقيل : إن سببه أنه لما صنَّفَهُ سُمع عليه إلى باب الضاد المعجمة وعَرَضَ له وسْوَسَة فألْقى نفسه من سَطْحٍ فمات .
وبقي سائر الكتاب مسوَّدة غيرَ مُنَقَّح ولا مبيَّض فبيَّضَه تلميذُه إبراهيم بن صالح الورَّاق فَغَلطَ فيه في مواضع وكان وفاة الجوهري في حدود الأربعمائة