الطويل ولا يَضيُره ألاّ يعرف الأَشَقّ والأمقّ وإن كان في علم ذلك زيادةُ فضل .
وإنما لم يَضرْه خفاءُ ذلك عليه لأنه لا يكاد يجدُ منه في كتاب اللّه تعالى شيئاً فَيُحْوج إلى علمه ويقلُّ مثله أيضاً في ألفاظ رسول اللّه إذ كانت ألفاظُه السَّهلة العَذْبة .
ولو أنه لم يعلم توسُّع العرب في مخاطباتها لعَيَّ بكثير من علم مُحْكَم الكتاب والسنة ألا ترى قوله تعالى : ( ولا تَطْرُد الذّينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بْالغَدَاة . . . ) إلى آخر الآية .
فَسرُّ هذه الآية في نَظْمها لا يكون بمعرفة غريب اللغة والوَحشيّ من الكلام .
( وإنما معرفته بغير ذلك مما لعل كتابنا هذا يأتي على أكثره بعون اللّه ) .
والفرقُ بين معرفة الفروع ومعرفة الأصول أن مُتَوَسّماً بالأدب لو سُئل عن الجَزْم والتَّسْويد في علاج النُّوق فتوقّف أو عَيّ به أو لم يعرفْه لم يَنْقصه ذلك عند أهل المعرفة نقصاً شائناً لأن كلام العرب أكثرُ من أن يُحْصى ولو قيل له : هل تتكلمُ العربُ في النفي بما لا تتكلم به في الإثبات ثم لم يَعْلَمه لنَقَصَه ذلك ( في شريعة الأدب ) عند أهل الأدب ( لا أن ذلك يردّه عن دينه أو يجره لمَأْثَمٍ ) كما أن مُتَوَسّماً بالنحو لو سُئل عن قول القائل - من الطويل - : .
( لَهنَّك من عَبْسيةٍ لَوَسيمَةٌ ... على هَنَوَاتٍ كاذبٍ مَنْ يَقُولُها )