وعن حمَّاد الرَّاوية قال : أمر النعمانُ بن المُنذر فُنسخت له أشعارُ العرب في الطُّنُوج وهي الكراريس ثم دفَنها في قصره الأبيض فلَما كان المختار بن أبي عُبيد الثقفي قيل له : إن تحت القًصْر كنزاً فاحتَفَره فأخرج تلك الأشعار فمن ثمَّ أهل الكوفة أعلمُ بالشعر من أهل البصرة .
قال ابن جني : فإذا كان كذلك لم نقطع على الفصيح يُسْمَع منه ما يخالفُ الجمهور بالخطأ ما دام القياسُ يَعْضُده فإن لم يَعْضُده كرَفْع المفعول والمضاف إليه وجرّ الفاعل أو نصبه فينبغي أن يردّ لأنه جاء مُخالفاً للقياس والسماع جميعاً وكذا إذا كان الرجلُ الذي سُمعت منه تلك اللغة المخالفة مضعوفاً في قوله مألوفاً منه اللَّحن وفساد الكلام فإنه يردّ عليه ولا يُقبل منه وإن احتمُل أن يكون مصيباً في ذلك لغةً قديمة فالصواب ردّه وعدُم الاحتفال بهذا الاحتمال .
الحال الثالث - أن ينفرد به المتكلّم ولا يُسْمع من غيره لا ما يوافقه ولا ما يخالفه .
قال ابن جني : والقولُ فيه أنه يجب قبولُه إذا ثبتت فصاحته لأنه إما أن يكون شيئاً أخذه عمن نطق به بلغةٍ قديمة لم يشارك في سماع ذلك منه على حدٍّ ما قلناه فيمن خالف الجماعة وهو فصيح أو شيئاً ارتجله فإن الأعرابي إذا قويت فصاحته وسمَتْ طبيعته تصرّف وارتجل ما لم يُسْبق إليه فقد حكي عن رُؤْبة وأبيه أنهما كانا يرتجلان ألفاظاً لم يسمعاها ولا سُبقا إليها .
أما لو جاء عن متَّهم أو من تَرْقَ به فصاحته ولا سبَقت إلى الأنفس ثقته فإنه يردّ ولا يُقبل فإن ورد عن بعضهم شيءٌ يدفعه كلام العرب ويأباه القياسُ على كلامهما فإنه لا يُقنع في قبوله أن يُسْمَع من الواحد ولا من العدَّة القليلة إلا أن يكثر من ينطق به منهم فإن كَثُر قائلوه إلا أنه مع هذا ضعيف الوَجه في القياس فمجازُه وجهان : .
أحدهما أن يكون مَنْ نطق به لم يُحْكم قياسه .
والآخر أن تكون أنت قصَّرْت عن استدراك وجه صحته .
ويحتمل أن يكون