سمَعه من غيره ممن ليس فصيحاً وكثُرَ استماعه له فسرَى في كلامه إلا أن ذلك قلّما يقع فإن الأعرابي الفصيح إذا عُدل به عن لغته الفصيحة إلى أخرى سقيمة عافَها ولم يَعْبَأ بها فالأقوى أن يُقْبل ممن شهرت فصاحته ما يُورده ويُحْمَل أمره على ما عرف من حاله لا على ما عسى ان يحتمل كما أن على القاضي قبول شهادة من ظهرت عدالته .
وإن كان يجوز كذبه في الباطن إذ لو لم يُؤْخذ بها لأدّى إلى ترك الفصيح بالشك وسقوط كلّ اللغات .
تنبيه - الفرق بين هذا النوع وبين النوع الخامس أن ذاك فيما تفرَّد بنقله عن العرب واحدٌ من أئمة اللغة وهذا فيما تفرَّد بالنطق به واحدٌ من العرب فذاك في الناقل وهذا في القائل .
وهذه أمثلةٌ من هذا النوع في الجمهرة : قال الأصمعي : لم تأت الخَيْطة في شعْرٍ ولا نَثْرٍ غير بيت واحد وهو قول أبي ذؤيب في رجل يَشْتَارُ عسلاً : - من الطويل - .
( تَدَلَّى عليها بَينَ سبٍّ وخَيْطَةٍ ... شديدُ الوَصَاة نَابلٌ وابنُ نابل ) .
السّب بلغة هذيل : الحَبْل .
وفي الغريب المصنّف : الرُّحُم : الرَّحْمَة