النوع الخامس عشر .
( معرفة المفاريد ) .
قال ابنُ جني في الخصائص : .
المسموعُ الْفَرُد هل يقبل ويحتجُّ به له أحوال : .
أحدها - أن يكون فرداً بمعنى أنه لا نظير له في الألفاظ المسموعة مع إطباق العرب على النُّطق به فهذا يَقْبَل ويحتجُّ به ويُقاس عليه إجماعاً كما قيس على قولهم في شَنُوءة شَنَئيّ مع أنه لم يُسْمع غيرُه لأنه لم يُسْمع ما يخالفه وقَد أطبقوا على النُّطق به . الحال الثاني - أن يكون فرداً بمعنى أن المتكلّم به من العرب واحد ويخالف ما عليه الجمهور فينظر في حال هذا المنفرد به فإن كان فصيحاً في جميع ما عدا ذلك القَدْر الذي انفرد به وكان ما أورده مما يقبلُه القياسُ إلا أنه لم يَرد به استعمالٌ إلا من جهة ذلك الإنسان فإنّ الأَوْلى في ذلك أن يحسن الظنّ به ولا يحمل على فساده .
فإن : قيل : فمن أين ذلك وليس يجوز أن يَرْتجل لغةً لنفسه .
قيل : يمكن أن يكون ذلك وقع إليه من لغةٍ قديمة طال عهدُها وعَفا رسمُها فقد أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحجاج عن أبي خليفة الفضل بن الحبَاب قال : قال لي ابن عَوْن عن ابن سيرين قال عمرُ بن الخطاب رضي اللّه عنه : ( كان الشّعرُ علم قوم ولم يكن لهم علمٌ أصحَّ منه فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العربُ بالجهاد وغزْو فارسَ والروم ولَهَت عن الشعر وروايته فلما كَثُر الإسلام وجاءت الفتَوحُ واطمأَنت العرب في الأمصار راجعُوا رواية الشعر فلم يَؤُولوا إلى ديوان مُدَوَّن ولا كتاب مكتوب وألْفَوا ذلك وقد هلك من العرب مَنْ هَلَك بالموت والقتل فحفظوا قُلّ ذلك وذهب عنهم كُثْره .
وقال أبو عمرو بن العلاء : ما انتهى إليكم ممّا قالت العربُ إلا قُلّه ولو جاءكم وافراً لجاءكم علمٌ وشعر كثير