لا يجوزُ أن تكون اللغةُ إلاّ توقيفاً .
ومن قائل : لا يجوزُ أن تكون إلاّ اصطلاحاً .
والثاني أنه ما الذي وقع على تقدير جواز كلٍّ من الأمرين والقول بتجْويز كل من الأمرين هو رأيُ المحققين ولم أرَ مَن صَرّح عن الأشعري بخلافه .
والذي أراه أنه إنما تكلم في الوقوع وأنه يجوّز صدور اللّغة اصطلاحاً ولو مَنع الجواز لنَقَله عنه القاضي وغيره من محقّقي كلامه ولم أرَهم نقلوه عنه بل لم يَذكره القاضي وإمام الحرَمَين وابن القُشَيري والاشعري في مسألة مبدأ اللغات البتَّة وذكر إمامُ الحرَمين الاختلافَ في الجواز ثم قال : إن الوقوعَ لم يَثْبُتْ وتَبعه القُشَيري وغيرُه .
( آراء في علم اللغات ) .
تنبيهات .
أحدها - إذا قلنا بقول الأشعري إن اللغات توقيفيَّة - ففي الطريق إلى علمها مذاهب حكاها ابنُ الحاجب وغيره : أحدُها بالوَحْي إلى بعض الأنبياء والثاني بخَلق الأصوات في بعض الأجسام والثالث بعلمٍ ضروري خلَقه في بعضهم حَصَل به إفادةُ اللَّفظ للمعنى .
قال ابنُ السبكي في رفع الحاجب : والظاهرُ من هذه هو الأول لأنه المعتادُ في علْم اللّه تعالى .
الثاني - قول الإمام الرّازي فيما تقدّم : لمَ لا يجُوزُ أنْ تكونَ هذه الألفاظُ وضَعَها قومٌ آخرون قبلَ آدم .
قال في رَفْع الحاجب : لسنا ندَّعي أن قبل آدم الجنّ والبن فذلك لم يَثْبُت عندنا بل قال القاضي في التقريب : جاز تواضُع الملائكة المخلوقة قبله .
قال ابنُ القشيري : وقد كانوا قبلَه يتخاطبون ويفهمون .
الثالث - قولُ أهل الاصطلاح : لو كانت اللّغاتُ توقيفيةً لتقدَّمت واسطةُ البعْثَة