على التوقيف أحسنُ من جواب الإمام عن جواب ابن الحاجب حيث قال : إذا كان آدمُ عليه السلام هو الذي عُلّمَها اندفع الدور .
قال في رفع الحاجب : لأنَّ لآدم حالتين : حالة النبوّة وهي الأولى وفيها الوحْيُ الذي من جملته تعليمُ اللغات وعلمها الخلق إذ ذاك ثم بُعث بعد أن عَلَّمَها قومهَ فلم يكن مبعوثاً لهم إلاّ بعد علمهم اللغات فبُعث بلسانهم .
قال : وحاصلُه أن نبوَّته متقدمةٌ على رسالته والتعليمُ متوسّط فهذا وجَهُ اندفاع الدَّوْر .
الرابع - قال في رفع الحاجب : الصحيحُ عندي أنه لا فائدة لهذه المسألة وهو ما صحَّحه ابنُ الأنباري وغيرُه ولذلك قيل ذكْرُها في الأصول فضولٌ .
وقيل : فائدتها النظرُ في جواز قَلْب اللغة فحُكي عن بعض القائلين بالتَّوْقيف منعُ القَلْب مطلقاً فلا يجوزُ تسمية الثَّوْب فرساً والفرس ثوباً .
وعن القائلين بالاصطلاح تجويزُه .
وأما المتوقّفون - قال المازري - فاختلَفوا فذهب بعضُهم إلى التجويز كمذهب قائل الاصطلاح وأشار أبو القاسم عبد الجليل الصَّابوني إلى المَنْع وجوَّزَ كونَ التَوقيف وارداً على أنه وجبَ ألاَّ يَقعَ النطقُ إلاّ بهذه الألفاظ .
قال ابن السبكي .
والحقُّ عندي - وإليه يشيرُ كلامُ المازَري - أنه لا تَعَلُّقَ لهذا بالأصل السابق فإن التوقيفَ لو تمَّ ليس فيه حجرٌ علينا حتى لا يُنْطَقُ بسواه فإن فُرض حجرٌ فهو أمرٌ خارجي والفرعُ حكمُه حكم الأشياء قبل وُرود الشرائع فإنا لا نعلمُ في الشَّرْع ما يدلُّ عليه وما ذكره الصابوني من الاحتمال مدفوعٌ .
قال المازَري : وقد عُلم أن الفقهاءَ المحقّقين لا يحرّمون الشيء بمجرد احتمال ورود الشّرع بتحريمه وإنما يحرّمونه عند انْتهاض دليل تحريمه .
قال : وإن اسْتُند في التحريم إلى الاحتياط فهو نظرٌ في المسألة من جهة أخرى وهذا كلّه فيما لا يؤَدّي قلبهُ إلى فساد النظام وتغييرُه إلى اختلاط الأحكام فإن أدَّى إلى ذلك - قال المازَري : فلا نختلفُ في تحريم قَلبه لا لأَجل نفسه بل لأجل ما يُؤدّي إليه .
قال في شرح المنهاج : إن بناءَ المسألة على هذا الأصل غيرُ صحيح فإن هذا الأصل في أن هذه اللغات الواقعة بين أظْهُرنا هل هي بالاصطلاح أو التوقيف لا في شخْصٍ خاصٍّ اصطلح مع صاحبه على إطلاق لفظ الثوب على الفرس مثلاً .
وقال الزَّرْكشي في البحر : حكى الأستاذ أبو منصور قولاً : إن التوقيف وقعَ