أخبرني أبو عبيدة : أن ابن دؤاد بن متمم بن نويرة قدم البَصْرة في بعض ما يقدم له البَدَوي من الجَلب والميرة فأتيتُه أنا وابن نوح فسألناه عن شعْر أبيه متمم وقمنا له بحاجته فلما فقد شعرَ أبيه جعل يزيد في الأشعار ويضعُها لنا وإذا كلامٌ دون كلام متمم وإذا هو يَحْتَذي على كلامه فيذكر المواضعَ التي ذكرها متمّم والوقائعَ التي شهدها فلما توالى ذلك علمنا أنه يفَتْعَله .
وقال أبو علي القالي في أماليه : حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الأزهر حدّثنا الزبير ( بن بكار ) حدثنا محمد بن سلاّم الجمحي قال : حدّثني يحيى بن سعيد القطان قال : رُواةُ الشّعْر أعقلُ من رُواة الحديث لأن رُواةَ الحديث يرْوُون مصنوعاً كثيراً ورُواة الشعر ساعة يُنْشدون المصنوع ينتقدونه ويقولون : هذا مصنوع . وقال محمد بن سلاّم الجمحي : كان أولُ مَن جَمَع أشعارَ العرب وساق أحاديثها حمّاد الراوية وكان غيرَ موثوق به وكان يَنْحَل شعرَ الرجل غيره ويزيد في الأشعار .
أخبرني أبو عبيدة عن يونس قال : قدم حمادٌ البَصْرة على بلال بن أبي بردة فقال : ما أطرفتني شيئاً فعاد إليه فأنشده القصيدة التي في شعر الحطيئة مديح أبي موسى فقال : ويحك ! يمدحُ الحطيئة أبا موسى لا أعلمُ به وأنا أرْوي من شعر الحطيئة ! ولكن دعْها تذهب في الناس .
وأخبرني أبو عبيدة عن عمرو بن سعيد بن وهب الثقفيّ قال : كان حمّاد الرّاوية لي صديقاً مُلْطفاً فقلت له يوماً : أمْل عليّ قصيدةً لأخوالي بني سعد بن مالك فأْمَلى عليّ لطرَفَة : - من الكامل - .
( إنّ الخليطَ أجدّ منتقَله ... ولذاك زمّت غُدوة إبله )