لم يقولوا شعراً قط وأشعار النساء ثم جاوز ذلك إلى عادٍ وثمود أفلاَ يَرْجعُ إلى نفسه فيقول : من حَمَل هذا الشعر وَمن أدَّاه منذُ ألوف من السنين . واللّه تعالى يقول : ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا ) .
أي لا بقيّة لهم .
وقال أيضاً : ( وأنه أهلك عاداً الأولى وثمود فما أبقى ) .
وقال في عاد : ( فهل ترى لهم من باقية ) .
وقال : ( وقروناً بين ذلك كثيرا ) .
وقال يونس بن حبيب : أولُ من تكلّم بالعربية إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام .
وقال أبو عمرو بن العلاء : العربُ كلّها ولدُ إسماعيل إلا حمْير وبقايا جُرهم ونحن لا نجد لأوَّليّة العرب المعروفين شعراً فكيف بعادٍ وثمود ولم يرو عربيٌّ قط ولا رَاويةٌ للشعر بيتاً منها مع ضعْف أمره وقلَّة طلاوته .
قال أبو عمرو بن العلاء : ما لسانُ حمْير وأقاصي اليمن لساننا ولا عربيتهم عربيتنا فكيف بها على عَهْد عاد وثمود مع تَدَاعيه ووَهْنه فلو كان الشعر مثلَ ما وَضع لابن إسحاق ومثل ما يَرْوي الصَّحَفيون ما كانت إليه حاجة ولا كان فيه دليل على علم .
هذا كله كلامُ ابن سلام .
ثم قال بعد ذلك : لما راجَعَت العربُ روايةَ الشعر بعد أن اشتغلت عنه بالجهاد والغَزْو واستقلّ بعضُ العشائر شعرَ شعرائهم وما ذهب من ذكْر وقائعهم وكان قومٌ قَلَّتْ وقائعهُم وأشعارُهم فأرادوا أن يلحقوا بمنْ له الوقائع والأشعار فقالوا على ألْسُن شعرائهم .
ثم كانت الروايةُ بعدُ فزادُوا في الأشعار وليس يُشْكل على أهل العلم زيادةُ ذلك ولا ما وضعوا ولا ما وضّع المولّدون وإنما عَضَل بهم أن يقول الرجل من ولد الشعراء أو الرجل ليس من ولدهم فيُشْكل ذلك بعض الأشكال