الريح الزعزع فيذرها وقد ظهر فيها أثر القتره وما قيد خلفها إلا وهو يهتدي بها في المسالك المضلة ويطأ على أثرها فيرقم وجوه البدور بأشكال الأهلة هذا والليل قد ألقى جرانه فلم يبرح والكواكب قد ركدت فيه فلم تسبح وأنا أود لو زاد طوله ولم تظهر غرة أدهمه ولا حجوله فقد قيل إنه أدنى للبعد وأكتم للأسرار ودل عليه القول النبوي بأن الأرض تطوى فيه ما لا تطوى في النهار وما زلت أسير بريدها تنوء به حتى كاد ينضو لون السواد وظهر لون السرحان فأغار على سرح السماء كما يغير السرحان على سرح النقاد فعند ذلك نهلت العين من الكرى نهلة الطائر ولم يكن ذلك على ظهر الأرض المطمئنة وإنما كان على الظهر السائر .
في هذا الفصل كل مليحة من المعاني ولو لم يكن في هذا الكتاب سواه لكان كافيا وبعضه مأخوذ من الشعر كقول أبي تمام .
( طَمُوحٌ بأَثْنَاءِ الزِّمَامِ كأَنَّما ... يُخالُ بها مِن عَدْوِها طَيْفُ جِنَّةِ ) .
وكقوله .
( بِالشَّذْقَمِيَّاتِ الْعِتَاقِ كأَنَّما ... أشْباحُها بَيْنَ الأَكَامِ أَكام ) .
ومن ذلك ما ذكرته في النسب في فضل من كتاب وهو لهم نسب لا تدخله لام التعريف وهو موضوع لا يجري على سنن التوقيف فإذا ذكر أوله وقفت من عرفانه على طلل ووجدته مهملا في جملة الهمل وإن قيل إنه من نجوم السماء قلت لكنه لا يخرج عن الثور أو الحمل فما أرهف لوصفه لسان إلا نبا ولا اقتدح له زناد خاطر إلا كبا وهم منه كآوى الذي يرى الناس له ابنا ولا يرون لابنه أبا