وهذا من أغرب ما يؤتى به في ذم النسب وهو من باب توليد المعاني الذي يسمى الكيمياء وبعضه مستولد من قول أبي نواس في هجاء الخصيب .
( وَمَا خُبْزُهُ إِلاَّ كآوَى يُرَى ابْنُهُ ... وَلَمْ يُرَ آوَى في حُزُونٍ وَلاَ سَهْلِ ) .
فأبو نواس ذم خبز الخصيب في عدم رؤيته وأنا نقلت ذلك إلى النسب فجاء ألطف وأحسن وأليق وأدخل في باب الصنعة وإذا حقق النظر فيما ذكره أبو نواس في هذا المعنى لم يوجد مناسبا فإن الخبز في عدم رؤيته لا يحمل على ابن آوى وإنما المناسبة تقع في النسب من أجل ذكر الابن والأب .
ومن ذلك ما ذكرته في ذم قوم وهو فصل من كتاب فقلت تركت قوما لم ينقعوا صدى ولم يجروا إلى مدى فأعراضهم نكرة العارف وأموالهم حنظلة الناقف لا تمطر سحبهم على كثرة مائها ولا تزكو الذريعة بأرضهم على نمائها .
وبعض هذا المعنى مأخوذ من شعر الشريف الرضي .
( تَرَكْتُ أنَاساً لَمْ يَهَشُّوا لِمِنَّةٍ ... وَلَمْ يَنْقَعُوا غُلَّ الظِّماءِ الْخَوَامِسِ ) .
( عَلَى الْقُرْبِ فيهم إِنَّني غَيْرُ طَامِعٍ ... وَمِنْكَ عَلَى بُعْدِ المَدَى غَيْرُ آيِسِ )