وبدلت أحراره بعبيده وحرائره بإمائه وكذلك فعلت بمدينة فلانة وقد ضرب الأمن عليها أسوارا وبعد عهدها بالنوائب فلم تدخل لها ديارا فهي تخبر عن بلهنية الخفض ولم ترع عنه بالانتقال ولا رأت السيف وقد ألقى لونه في ذوائب الأطفال فما شعر أهلها إلا وقد رجمها الجيش بكاهله ورماها بوابله قبل طله وطل السحاب قبل وابله وبرزت خيل القوم ولها زي فرسانها وهي مستبقة إلى طرادها كاستباقها إلى ميدانها إلا من تتأود القناة من يده بين لهذمين وتستقل السرج منه ومن جواده بين مطهمين فجرت المغاوير إلى المغاوير وتلاقت الرياح بالأعاصير وكان الطعن بينهم عناقا واللبث وفاقا وسبق ألم الموت ألم الجراح ونفذت غير مخضبة لسرعتها أسنة الرماح وحصل القوم في القبضة وذقوا عقبى النهضة وجيء بالأسرى مقرنين في الأصفاد موقنين أن رءوسهم عواري على تلك الأجساد ولو استطاع رأس أحدهم أن ينكر عنقه لأنكره ولا يود وهو المعظم أن يقال ما أعظمه بل يقال ما أحقره وتصرفت أيدي المسلمين في القتل والنهاب وكان للسيف رقاب وللسبي رقاب .
في هذا الفصل معان كثيرة مستحسنة ومنها ما أخذ من شعر المتنبي كقوله .
( سَحَابٌ مِنَ العقْبَانِ ترْجُفُ تحتها ... سَحَابٌ إذا اسْتٌسْقَتْ سَقَتْها صَوَارِمُهْ ) .
وكقوله .
( واسْتَعَارَ الْحَدِيدُ لَوْناً وَأَلَقَى ... لَوْنَهُ في ذَوَائِبِ الأَطْفَالِ )